معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

قوله تعالى :{ وجعلوا له من عباده جزءاً } أي نصيباً وبعضاً وهو قولهم : الملائكة بنات الله ، ومعنى الجعل -هاهنا- الحكم بالشيء والقول ، كما تقول : جعلت زيداً أفضل الناس ، أي وصفته وحكمت به ، { إن الإنسان } يعني الكافر ، { لكفور } جحود لنعم الله ، ‌{ مبين } ظاهر الكفران .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

يقول تعالى مخبرا عن المشركين فيما افتروه وكذبوه في جعلهم بعض الأنعام لطواغيتهم وبعضها لله ، كما ذكر الله عنهم في سورة " الأنعام " ، في قوله : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } [ الأنعام : 136 ] . وكذلك جعلوا له من قسمي{[26015]} البنات والبنين أخسَّهما وأردأهما وهو البنات ، كما قال تعالى : { أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنْثَى . تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى } [ النجم : 21 ، 22 ] . وقال هاهنا : { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ }


[26015]:- (6) في ت: "من كل قسم".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

الضمير في : { جعلوا } لكفار قريش والعرب ، والضمير في : { له } لله تعالى : والجزء : القطع من الشيء ، وهو بعض الكل ، فكأنهم جعلوا جزءاً من عباده نصيباً له وحظاً ، وذلك في قول كثير من المتأولين قول العرب : الملائكة بنات الله ، وقال بعض أهل اللغة الجزء : الإناث ، يقال أجزأت المرأة إذا ولدت أنثى ، ومنه قول الشاعر : [ البسيط ]

إن أجزأتْ حرة يوماً فلا عجب . . . قد تجزئ المرأة المذكار أحيانا{[10188]}

وقد قيل في هذا البيت إنه بيت موضوع . وقال قتادة : المراد بالجزء : الأصنام وفرعون وغيره ممن عبد من دون الله ، أي جزءاً نداً ، فعلى هذا التأويل فتعقيب الكفرة في فصلين في أمر الأصنام وفي أمر الملائكة ، وعلى هذا التأويل الأول فالآية كلها في أمر الملائكة .

وقوله تعالى : { إن الإنسان لكفور } أي بلفظ الجنس العام ، والمراد بعض الإنسان ، وهو هؤلاء الجاعلون ومن أشبههم . و : { مبين } في هذا الموضع غير متعد{[10189]} .


[10188]:هذا بيت من الشعر يسوقه ابن عطية للاستشهاد به على أن الجزء يكون بمعنى: الإناث، والبيت في اللسان، جاء فيه: (قال أبو إسحق: وقد أنشدت بيتا يدل على أن معنى "جزءا" معنى الإناث، ولا أدري البيت هو قديم أم مصنوع)، وكان الزمخشري صريحا قاطعا في نفي البيت، قال: (ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث، وادعاء أن الجزء في لغة العرب اسم للإناث، وما هو إلا كذب على العرب، ووضع مستحدث متحول، ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه: أجزأت المرأة، ثم صنعوا بيتا وبيتا: إن أجزأت حرة يوما فلا عجب قد تجزئ الحرة المذكار أحيانا زوجتها من بنات الأوس مجزئة للعوسج اللدن في أبياتها زجل وابن عطية يذكر أيضا أنه قد قيل إن البيت مصنوع. ومعنى البيت أن الحرة قد تلد البنات ولا عجب في ذلك، ومعنى البيت الثاني أنه تزوج امرأة من بنات الأوس تلد البنات، وتغزل بمغازل سويت من شجر العوسج.
[10189]:قال أبو حيان: (وليس يتعين ما ذكره، بل يجوز أن يكون معناه ظاهرا لكفران النعم ومظهرا لجحوده).