محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

{ وجعلوا له من عباده جزءا } أي جعل هؤلاء المشركون لله من خلقه نصيبا . وذلك/ قولهم للملائكة ( هم بنات الله ) قال القاشانيّ : أي اعترفوا بأنه خالق السماوات والأرض ومبدعهما وفاطرهما . وقد جسموه وجزأوه بإثبات الولد له ، الذي هو بعض من الوالد ، مماثل له في النوع ، لكونهم ظاهريين جسمانيين ، لا يتجاوزون عن رتبة الحس والخيال ، ولا يتجردون عن ملابس الجسمانيات ، فيدركون الحقائق المجردة والذوات المقدسة ، فضلا عن ذات الله تعالى . فكل ما تصوروا وتخيلوا ، كان شيئا جسمانيا . ولهذا كذبوا الأنبياء في إثبات الآخرة والبعث والنشور ، وكل ما يتعلق بالمعاد . إذ لا يتعدى إدراكهم الحياة الدنيا ، وعقولهم المحجوبة عن نور الهداية ، أمور المعاش . فلا مناسبة أصلا بين ذواتهم وذوات الأنبياء ، إلا في ظاهر البشرية . فلا حاجة إلى ما وراءها . انتهى { إن الإنسان لكفور مبين } أي لجحود نعم ربه ، التي أنعمها عليه . يبين كفرانه لمن تدبر حاله .