معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

{ ولا يزال الذين كفروا في مرية منه } أي : في شك مما ألقى الشيطان على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : ما باله ذكرها بخير ثم ارتد عنها . وقال ابن جريج : منه . أي من القرآن . وقيل : من الدين ، وهو الصراط المستقيم . { حتى تأتيهم الساعة بغتةً } يعني : القيامة . وقيل : الموت { أو يأتيهم عذاب يوم عقيم } قال الضحاك و عكرمة ( عذاب يوم ) لا ليلة له ، وهو يوم القيامة . والأكثرون على أن اليوم العقيم يوم بدر ، لأنه ذكر الساعة من قبل وهو يوم القيامة . وسمي يوم بدر عقيماً لأنه لم يكن في ذلك اليوم للكفار خير ، كالريح العقيم التي لا تأتي بخير ، سحاب ولا مطر ، والعقم في اللغة : المنع ، يقال : رجل عقيم إذا منع من الولد . وقيل لأنه لا مثل له في عظم أمره لقتال الملائكة فيه . وقال ابن جريج : لأنهم لم ينظروا فيه إلى الليل حتى قتلوا قبل المساء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

يقول تعالى مخبرًا عن الكفار : أنهم لا يزالون في مرية ، أي : في شك وريب من هذا القرآن ، قاله ابن جريج ، واختاره ابن جرير .

وقال سعيد بن جبير ، وابن زيد : { مِنْهُ } أي : مما ألقى الشيطان .

{ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً } : قال مجاهد : فجأة . وقال قتادة : { بَغْتَةً } ، بغت [ القوم ]{[20378]} أمر الله ، وما أخذ الله قومًا قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم ، فلا تغتروا بالله ، إنه لا يغتر بالله{[20379]} إلا القوم الفاسقون .

55


[20378]:- في ت : "اليوم" والمثبت من ف ، أ.
[20379]:- في أ : "فلا يغتر به".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

{ ولا يزال الذين كفروا في مرية } في شك . { منه } من القرآن أو الرسول ، أو مما ألقى الشيطان في أمنيته يقولن ما باله ذكرها بخير ثم ارتد عنها . { حتى تأتيهم الساعة } القيامة أو أشراطها أو الموت . { بغتة } فجأة . { أو يأتيهم عذاب يوم عقيم } يوم حرب يقتلون فيه كيوم بدر ، سمي به لأن أولاد النساء يقتلون فيه فيصرن كالعقم ، أو لأن المقاتلين أبناء الحرب فإذا قتلوا صارت عقيما ، فوصف اليوم بوصفها اتساعا أو لأنه لا خير لهم فيه ، ومنه الريح العقيم لما لم تنشئ مطرا ولم لقح شجرا ، أو لأنه لا مثل له لقتال الملائكة فيه ، أو يوم القيامة على أن المراد بن { الساعة } غيره أو على وضعه ، موضع ضميرها للتهويل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

لمّا حكى عن الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم أن ما يلقيه لهم الشيطان من إبطال ما جاءت به الرّسل يكون عليهم فتنة . خصّ في هذه الآية الكافرين بالقرآن بعد أن عمّهم مع جملة الكافرين بالرسل ، فخصّهم بأنهم يستمر شكّهم فيما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ويترددون في الإقدام على الإسلام إلى أن يُحال بينهم وبينه بحلول الساعة بغتة أو بحلول عذاب بهم قبل الساعة ، فالذين كفروا هنا هم مشركو العرب بقرينة المضارع في فعل { لا يزال } وفعل { حتى تأتيهم } الدّالين على استمرار ذلك في المستقبل .

ولأجل ذلك قال جمع من المفسرين : إن ضمير { في مرية منه } عائد إلى القرآن المفهوم من المقام ، والأظهر أنه عائد إلى ما عاد عليه ضمير { أنه الحق من ربك فيؤمنوا به } [ الحج : 54 ] .

و { الساعة } علَم بالغلبة على يوم القيامة في اصطلاح القرآن ، واليوم : يوم الحرب ، وقد شاع إطلاق اسم اليوم على وقت الحرب . ومنه دُعيت حروب العرب المشهورة « أيام العرب » .

والعقيم : المرأة التي لا تلد ؛ استعير العقيم للمشؤوم لأنهم يُعدّون المرأة التي لا تلد مشؤومة .

فالمعنى : يأتيهم يوم يُستأصلون فيه قتلاً : وهذا إنذار بيوم بدر .