فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

{ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ } أي في شك من القرآن ، وقيل من الدين الذي يدل عليه ذكر الصراط المستقيم ، وقيل من الرسول وقيل من إلقاء الشيطان فيقولون ما باله ذكر الأصنام بخير ، ثم رجع عن ذلك ، وقرئ مرية بضم الميم ، وهما لغتان مشهورتان ، وظاهر كلام أبي البقاء أنهما قراءتان ، قال السمين : ولا أحفظ الضم هنا .

{ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ } أي القيامة أو الموت { بَغْتَةً } أي فجأة { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } وهو يوم القيامة لأنه لا يوم بعده فكان بهذا الاعتبار عقيما وهو في اللغة من لا يكون له ولد ، ولما كانت الأيام تتوالى جعل ذلك كهيئة الولاة ، ولما لم يكن بعد ذلك اليوم يوم وصف بالعقم ، وقيل يوم حرب يقتلون فيه كيوم بدر ، قاله ابن عباس ، وعن أبيّ بن كعب نحوه ، وعن سعيد بن جبير وعكرمة مثله .

وعن مجاهد قال : يوم القيامة لا ليلة له ، وعن الضحاك وسعيد مثله أيضا ، وقيل إن اليوم وصف بالعقم لأنه لا رأفة فيه ولا رحمة فكأنه عقيم من الخير ، ومنه قوله تعالى : { فأرسلنا عليهم الريح العقيم } أي التي لا خير فيها ولا تأتي بمطر وفيه بالنساء العقم تشبيها مضمرا في النفس ، وإثبات العقم تخييل ، فإن الأيام بعضها نتائج لبعض ، فكل يوم يلد مثله .