قوله تعالى : { وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ } الآية . لما بين حال الكافرين أولاً ثم حال المؤمنين ثانياً عاد إلى شرح حال الكافرين مرة أخرى ، فقال : { وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ } شك ونفاق «مِنْه » أي : من القرآن ، أو من الرسول ، أو مم ألقاه الشيطان{[31664]} .
والمِرية والمُرية بالكسر والضم لغتان مشهورتان{[31665]} ، وظاهر كلام أبي البقاء أنهما قراءتان {[31666]} .
قوله : { حتى تَأْتِيَهُمُ الساعة } وهذا يدل على أن الأعْصَار إلى قيام الساعة لا تخلو ممن هذا وصفه . «بغْتَة » أي : فجأة من دون أن يشعروا ، ثم جعل الساعة لكفرهمِ ، وأنهم يؤمنون عند أشراط الساعة على وجه الإلجاء{[31667]} . وقيل : أراد بالساعة الموت . { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } . قال الأكثرون : هو يوم بدر . وقال عكرمة والضحاك : هو يوم القيامة{[31668]} . والعقيم من العُقْم ، وفيه قولان :
أحدهما : أنه السد ، يقال : امرأة مَعْقُومة الرَّحم أو مسدودته عن الولادة . وهو قول أبي عبيد .
والثاني : أن{[31669]} أصله القطع ، ومنه ( المُلْك عَقِيم ) أي{[31670]} : لأنه يقطع صلة الرحم بالتراحم عليه ، ومنه العقيم لانقطاع ولادتها{[31671]} . والعقم انقطاع الخبر ، ومنه يوم عقيم ، قيل : لأنه لا ليلة بعده ، ولا يوم فشبه بمن انقطع نسله ، وقيل : لأنهم لا يرون فيه خيراً . وقيل{[31672]} : لأن كل ذات حمل تضع حملها في ذلك اليوم ، فكيف يحصل الحمل فيه . هذا إن أريد به يوم القيامة .
وإن أريد به يوم بدر فقيل : لأن أبناء الحرب تقتل فيه ، فكأن النساء لم يلدنهم فيكنّ عُقماً ، يقال : رجل عَقِيم وامرأة عَقيم ، أي : لا يولد لهما . والجمع عقم .
وقيل : لأنه الذي لا خير فيه ، يقال : ريح عقيم إذا لم تنشئ مطراً ، ولم تلقح{[31673]} شجراً .
وقيل : إنه{[31674]} لا مثل له في عظم أمره ، وذلك لقتال الملائكة فيه .
والقول الأول أولى لأنه لا يجوز أن يقال : { وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ } ويكون المراد إلى يوم بدر ، لأن من المعلوم أنهم في مرية بعد يوم بدر {[31675]} .
فإن قيل : لمّا ذكر الساعة ، فلو حملتم اليوم العقيم على يوم القيامة لزم التكرار . قلنا : ليس كذلك لأن الساعة مقدمات القيامة ، واليوم العقيم كما مر{[31676]} نفس ذلك اليوم على أن الأمر لو كان كما قال لم يكن تكراراً ، لأن في الأول ذكر الساعة ، وفي الثاني ذكر عذاب ذلك اليوم {[31677]} .
وإن أريد بالساعة وقت الموت ، وبعذاب يوم عقيم القيامة فالسؤال زائل{[31678]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.