البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

المرية : الشك .

والضمير في { منه } قيل : عائد على القرآن .

وقيل : على الرسول .

وقيل : ما ألقى الشيطان ، ولما ذكر حال الكافرين أولاً ثم حال المؤمنين ثانياً عاد إلى شرح حال الكافرين .

العقم : الامتناع من الولادة ، يقال : امرأة عقيم ورجل عقيم لا يولد له ، والجمع عقم وأصله من القطع ، ومنه الملك عقيم أي يقطع فيه الأرحام بالقتل ، والعقيم الذي قطعت ولادتها .

وقال أبو عبيد العقم السد ، يقال : امرأة معقومة الرحم أي مسدودة الرحم .

والظاهر أن { الساعة } يوم القيامة .

قيل : واليوم العقيم يوم بدر .

وقيل : ساعة موتهم أو قتلهم في الدنيا كيوم بدر ، واليوم العقيم يوم القيامة .

وقال الزمخشري : اليوم العقيم يوم بدر ، وإنما وصف يوم الحرب بالعقيم لأن أولاد النساء يقتلون فيه فيصرن كأنهن عقم لم يلدن ، أو لأن المقاتلين يقال لهم أبناء الحرب فإذا قتلوا وصف يوم الحرب بالعقم على سبيل المجاز .

وقيل : هو الذي لا خير فيه يقال : ريح عقيم إذا لم تنشىء مطراً ولم تلقح شجراً .

وقيل : لا مثل له في عظم أمره لقتال الملائكة فيه .

وعن الضحاك : إنه يوم القيامة وإن المراد بالساعة مقدماته ويجوز أن يراد بالساعة و { يوم عقيم } يوم القيامة كأنه قيل { حتى تأتيهم الساعة } أو يأتيهم عذابها فوضع { يوم عقيم } موضع الضمير انتهى .

وقال ابن عطية : وسمي يوم القيامة أو يوم الاستئصال عقيماً لأنه لا ليلة بعده ولا يوم ، والأيام كلها نتائج يجيء واحد أثر واحد ، وكان آخر يوم قد عقم وهذه استعارة ، وجملة هذه الآية توعد انتهى .

و { حتى } غاية لاستمرار مريتهم ، فالمعنى { حتى تأتيهم الساعة } { أو عذاب يوم عقيم } فتزول مريتهم ويشاهدون الأمر عياناً .