معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

قوله تعالى : { رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته } أي : اصبر على أمره ونهيه { هل تعلم له سمياً } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : مثلاً . وقال الكلبي : هل تعلم أحداً يسمى الله غيره ؟

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

وقوله : { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } [ أي : خالق ذلك ومدبره ، والحاكم فيه والمتصرف الذي لا معقب لحكمه ، { فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ]{[19011]} هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هل تعلم للرب مثلا أو شبها .

وكذلك قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وابن جريج وغيرهم .

وقال عكرمة ، عن ابن عباس : ليس أحد يسمى الرحمن غيره تبارك وتعالى ، وتقدس اسمه .


[19011]:زيادة من ت، ف، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

وقوله :

{ رب السماوات والأرض وما بينهما } بيان لامتناع النسيان عليه ، وهو خبر محذوف أو بدل من { ربك } { فاعبده واصطبر لعبادته } خطاب للرسول صلى الله عليه ، وسلم مرتب عليه أي لما عرفت ربك لأنه لا ينبغي له أن ينساك ، أو أعمال العمال فأقبل على عبادته واصطبر عليها ولا تتشوش بإبطاء الوحي وهزء الكفر ، وإنما عدي باللام لتضمنه معنى الثبات للعبادة فيما يورد عليه من الشدائد والمشاق كقولك للمحارب اصطبر لقرنك . { هل تعلم له سميا } مثلا يستحق أن يسمى إلها أو أحدا سمي الله فإن المشركين وإن سموا الصنم إلها لم يسموه الله قط ، وذلك لظهور أحديته تعالى ، وتعالى ذاته عن المماثلة بحيث لم يقبل اللبس والمكابرة وهو تقرير للأمر أي إذا صح أن لا أحد مثله ولا يستحق العبادة غيره لم يكن بد من التسليم لأمره والاشتغال بعبادته والاصطبار على مشاقها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

وقوله { رب } بدل من قوله { وما كان ربك } ، وقوله { فاعبده واصطبر لعبادته } أمر بحمل تكاليف الشرع وإشعار ما بصعوبتها كالجهاد والحج والصدقات فهي شريعة تحتاج الى اصطبار أعاننا الله عليها بمنه . وقرأ الجمهور «هل تعلم » بإظهار اللام ، وقرأ بن نصر عن أبي عمرو بإدغام اللام في التاء وهي قراءة عيسى والأعمش والحسن وابن محيصن قال أبو علي : سيبويه يجيز إدغام اللام في الطاء والتاء والدال والثاء والضاد والزاي والسين ، وقرأ أبو عمرو «وهل ثوب »{[7999]} بإدغامها في الثاء وإدغامها في التاء أحق لأنها أدخل معها في الفم ومن إدغامها في التاء ما روي من قول مزاحم العقيلي : [ الطويل ]

فذر ذا ولكن هل تعين متيماً . . . على ضوء برق آخر الليل ناصب{[8000]}

وقوله { سمياً } ، قال قوم : وهو ظاهر اللفظ معناه موافقاً في الاسم وهذا يحسن فيه أن يريد بالاسم ما تقدم من قوله { رب السماوات والأرض وما بينهما } أي هل تعلم من يسمى بهذا ويوصف بهذه الصفة ؟ وذلك أن الأمم{[8001]} والفرق لا يسمون بهذا الأسم وثناً ولا شيئاً سوى الله تعالى ، وأما الألوهية والقدرة وغير ذلك فقد يوجه السمي فيها وذلك باشتراك لا بمعنى واحد . وقال ابن عباس وغيره : قوله { سمياً } معناه مثيلاً أو شبيهاً أو نحو ذلك ، وهذا قول حسن ، وكأن السمي بمعنى المسامي والمضاهي فهو من السمو ، وهذا القول يحسن في هذه الآية ولا يحسن فيما تقدم في ذكر يحيى عليه السلام{[8002]} .


[7999]:من الآية (36) من سورة (المطففين)، وفي البحر المحيط أن الجمهور قرأ: {هل ثوب} بإظهار لا هل، والنحويان، وحمزة، وابن محيصن بإدغامها في الثاء. والنحويان هما أبو عمرو بن العلاء، وعلي بن حمزة الكسائي.
[8000]:مزاحم بن الحارث العقيلي شاعر إسلامي، كان بدويا فصيحا، وكان في زمن جرير والفرزدق، وكان جرير يقرظه ويقدمه، والبيت في الكتاب لسيبويه، والرواية فيه: "فدع ذا"، والمتيم: الذي تيمه الحب واسعبده، والناصب: المنصب المتعب، وهو غير جار على فعله ؛ لأن الفعل (أنصب) فهو منصب، وإنما هو على النسب كتامر ولابن. قد جعل البرق متعبا له لما يعانيه من مراعاته وتعرف المكان الذي ينزل فيه مطره، هل يكون في مكان المحبوب أم في غيره، ولهذا سأل أن يعان على مراعاته، أو طلب من يعينه على السهر معه لما يحدثه البرق من شجو وحنين. والشاهد فيه إدغام اللام في التاء، أي: لام (هل) في تاء (تعين) لأنهما متقاربان في المخرج، إذ هما من حروف طرف اللسان الصعبة في النطق، فهي أحوج إلى الإدغام من غيرها، ولهذا فإن بعض القراء أدغم اللام في التاء في قوله تعالى: {بل تؤثرون الحياة الدنيا} فقرأ: [بتؤثرون].
[8001]:في بعض النسخ: "وذلك أن الأمم والفرق".
[8002]:أي في قوله تعالى قبل ذلك: {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا}.