فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

{ رَبّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا } أي خالقهما وخالق ما بينهما ، ومالكهما ومالك ما بينهما ، ومن كان هكذا فالنسيان محال عليه . ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعبادته والصبر عليها فقال : { فاعبده واصطبر لِعِبَادَتِهِ } والفاء للسببية لأن كونه ربّ العالمين سبب موجب لأن يعيد ، وعدى فعل الصبر باللام دون على التي يتعدّى بها لتضمنه معنى الثبات { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } الاستفهام للإنكار . والمعنى : أنه ليس له مثل ولا نظير حتى يشاركه في العبادة ، فيلزم من ذلك أن تكون غير خالصة له سبحانه ، فلما انتفى المشارك استحق الله سبحانه أن يفرد بالعبادة وتخلص له ، هذا مبنيّ على أن المراد بالسميّ : هو الشريك في المسمى وقيل : المراد به : الشريك في الاسم كما هو الظاهر من لغة العرب ، فقيل : المعنى إنه لم يسمّ شيء من الأصنام ولا غيرها بالله قط ، يعني : بعد دخول الألف واللام التي عوّضت عن الهمزة ولزمت . وقيل : المراد : هل تعلم أحداً اسمه الرحمن غيره ؟ قال الزجاج : تأويله والله أعلم : هل تعلم له سمياً يستحق أن يقال له : خالق وقادر وعالم بما كان وبما يكون ، وعلى هذا لا سميّ لله في جميع أسمائه ، لأن غيره وإن سمي بشيء من أسمائه ، فللّه سبحانه حقيقة ذلك الوصف ، والمراد بنفي العلم المستفاد من الإنكار هنا : نفي المعلوم على أبلغ وجه وأكمله .

/خ72