الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

وقوله { سَمِيّاً } [ مريم : 65 ] . قال قوم : معناه مُوَافِقاً في الاِسْم .

قال ( ع ) : وهذا يحسنُ فيهِ أَن يريد بالاِسْم ما تقدم مِنْ قوله { رَبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا } أَيْ : هل تعلم من يسمى بهذا ، أَو يوصف بهذه الصفة وذلك أَن الأُمم والفِرَق لا يسمون بهذا الاِسْم وَثَناً ، ولا شَيْئاً سِوَى اللّه تعالى ، قال القُشَيْرِيُّ في «التحبير » : قولهُ تعالى : { واصطبر لعبادته } : الاصْطبارُ : نهايةُ الصَّبْرِ ومَنْ صَبَر ، ظَفَرَ ، ومَنْ لاَزَمَ ، وَصَلَ ؛ وفي مَعْناه أَنْشدُوا : [ البَسيط ] .

لاَ تَيْأسَنَّ وَإنْ طَالَتْ مُطَالَبَةٌ *** إذَا استعنت بِصَبْرٍ أَنْ ترى فَرَجَا

أَخْلِقْ بِذِي الصَّبْرِ أَنْ يحظى بِحَاجَتِه *** وَمُدْمِنِ الْقَرْعِ لِلأَبْوَابِ أَنْ يَلجَا

وأَنشدوا : [ البسيط ]

إنِّي رَأَيْتُ وَفِي الأَيَّامِ تَجْرِبَة *** لِلصَّبْرِ عَاقِبَةً مَحْمُودَةَ الأَثَرِ

وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي شَيْءٍ يُحَاوِلُهُ *** واستصحب الصَّبْرَ إلاَّ فَازَ بالظَّفَرِ

انتهى .

وقال ابنُ عباسٍ ، وغيرُه : { سَمِيّاً } معناه : مَثِيلاً ، أَو شَبِيهاً ، ونحو ذلك ، وهذا قوْلٌ حَسَنٌ ، وكان السمي بمعنى : المسامي ، والمضاهي فهو من السُّموِّ .