البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

وارتفع { رب السموات } على البدل أو على خبر مبتدإٍ محذوف .

وقرأ الجمهور { هل تعلم } بإظهار اللام عند التاء .

وقرأ الأخوان وهشام وعليّ بن نصر وهارون كلاهما عن أبي عمرو والحسن والأعمش وعيسى وابن محيصن بالإدغام فيهما .

قال أبو عبيدة : هما لغتان وعلى الإدغام أنشدوا بيت مزاحم العقيلي :

فذر ذا ولكن هل تعين متيماً . . . *** على ضوء برق آخر الليل ناصب

وعدي فاصطبر باللام على سبيل التضمين أي اثبت بالصبر لعبادته لأن العبادة تورد شدائد ، فاثبت لها وأصله التعدية بعلى كقوله تعالى { واصطبر عليها } والسميّ من توافق في الاسم تقول : هذا سميك أي اسمه مثل اسمك ، فالمعنى أنه لم يسم بلفظ الله شيء قط ، وكان المشركون يسمون أصنامهم آلهة والعزّى إله وأما لفظ الله فلم يطلقوه على شيء من أصنامهم .

وعن ابن عباس : لا يسمى أحد الرحمن غيره .

وقيل : يحتمل أن يعود ذلك على قوله { رب السموات والأرض وما بينهما } أي هل تعلم من يسمى أو يوصف بهذا الوصف ، أي ليس أحد من الأمم يسمى شيئاً بهذا الاسم سوى الله .

وقال مجاهد وابن جبير وقتادة { سمياً } مثلاً وشبيهاً ، وروي ذلك عن ابن عباس أيضاً .

قال ابن عطية : وكان السميّ بمعنى المسامي والمضاهي فهو من السمو ، وهذا قول حسن ولا يحسن في ذكر يحيى انتهى .

يعني لم نجعل له من قبل { سمياً } .

وقال غيره : يقال فلان سميّ فلان إذا شاركه في اللفظ ، وسمِّيه إذا كان مماثلاً له في صفاته الجميلة ومناقبه .

ومنه قول الشاعر :

فأنت سمي للزبير ولست للزبير *** سمياً إذ غدا ما له مثل

وقال الزجاج : هل تعلم أحداً يستحق أن يقال له خالق وقادر إلاّ هو .

وقال الضحاك : ولداً رداً على من يقول ولد الله .