فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} (65)

{ رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا ( 65 ) ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا ( 66 ) أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ( 67 ) فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ( 68 ) ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ( 69 ) ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا ( 70 ) وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ( 71 ) } .

{ رب السماوات والأرض } أي خالقهما { و } خالق { ما بينهما } ومالكهما ومالك ما بينهما ومن كان هكذا فالنسيان محال عليه . وكيف يتصور أن يحام حول ساحته الغفلة ؟ ، وفيه دليل على أن فعل العبد خلق الله لأنه حاصل بين السموات والأرض ، ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعبادته ، والصبر عليها فقال :

{ فاعبده واصطبر لعبادته } الفاء للسببية لأن كونه لا ينساك ، وكونه رب العالمين ، سبب موجب لأن يعبد ، وعدى فعل الصبر باللام دون على التي يتعدى بها لتضمنه معنى الثبات { هل تعلم له سميا ؟ } الاستفهام للإنكار ، والمعنى أنه ليس له مثل ولا نظير حتى يشاركه في العبادة فيلزم من ذلك أن تكون غير خالصة له سبحانه ، فلما انتفى المشارك استحق الله سبحانه أن يفرد بالعبادة وتخلص له هذا مبني على أن المراد بالسمي ، هو الشريك في المسمى .

وقيل المراد به الشريك في الاسم ، كما هو الظاهر من لغة العرب فقيل المعنى أنه لم يسمي شيء من الأصنام ولا غيرها بالله قط يعني بعد دخول الألف واللام التي عوضت عن الهمزة ولزمت أو برب السموات والأرض . وإليه نحا أبو السعود . والجملة تأكيد لما أفادته الفاء من علية ربوبيته العامة لوجوب تخصيص العبادة به تعالى .

قال الزجاج : تأويله والله أعلم هل تعلم له سميا يستحق أن يقال له خالق وقادر وعالم بما كان وبما يكون ؟ وعلى هذا لا سميّ لله في جميع أسمائه لأن غيره وإن سمي بشيء من أسمائه فلله سبحانه حقيقة ذلك الوصف .

والمراد بنفي العلم المستفاد من الإنكار هنا نفي المعلوم على أبلغ وجه وأكمله .

وقال ابن عباس : هل تعلم ؟ أي تعرف للرب شبها أو مثلا ، ليس أحد يسمى الرحمان غيره ، وعنه قال : يا محمد هل تعلم لإلهك من ولد ؟ .