قوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيدا } أي : ذهب عن الطريق وحرم الخير كله ، وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن هذه الآية في شيخ من الأعراب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله إني شيخ منهك في الذنوب ، إلا أني لم أشرك بالله شيئاً منذ عرفته ، وآمنت به ، ولم أتخذ من دونه ولياً ، ولم أواقع المعاصي جرأة على الله ، وما توهمت طرفة عين أني أعجز الله هرباً ، وإني لنادم ، تائب ، مستغفر ، فما حالي ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية .
قد تقدم الكلام على هذه الآية الكريمة ، وهي قوله : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ [ لِمَنْ يَشَاءُ ]{[8330]} } الآية [ النساء : 48 ] ، وذكرنا ما يتعلق بها من الأحاديث في صدر هذه السورة .
وقد روى الترمذي حديث ثُوَيْر{[8331]} بن أبي فَاخِتَة سعيد بن عَلاقَةَ ، عن أبيه ، عن علي رضي الله عنه أنه قال : ما في القرآن آية أحب إليَّ من هذه الآية : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ]{[8332]} } الآية ، ثم قال : حسن غريب{[8333]} .
وقوله : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا } أي : فقد سلك غير{[8334]} الطريق الحق ، وضل عن الهدى وبعد عن الصواب ، وأهلك نفسه وخسرها{[8335]} في الدنيا والآخرة ، وفاتته سعادة الدنيا والآخرة .
{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } كرره للتأكيد ، أو لقصة طعمة . وقيل جاء شيخ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : إني شيخ منهك في الذنوب ألا أني لم أشرك بالله شيئا منذ عرفته وآمنت به ولم اتخذ من دونه وليا ، ولم أوقع المعاصي جرأة ، وما توهمت طرفة عين أني أعجز الله هربا ، وإني لنادم تائب فما ترى حالي عند الله سبحانه وتعالى . فنزلت { ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا } عن الحق فإن الشرك أعظم أنواع الضلالة وأبعدها عن الصواب والاستقامة ، وإنما ذكر في الآية الأولى فقد افترى لأنها متصلة بقصة أهل الكتاب ، ومنشأ شركهم كان نوع افتراء وهو دعوى التبني على الله سبحانه وتعالى .
ثم أوجب تعالى أنه لا يغفر أن يشرك به ، وقد مضى تفسير مثل هذه الآية وما يتصل بها من المتعقد والبعد في صفة الضلال ، مقتض بعد الرجوع إلى المحجة البيضاء وتعذره{[4281]} وإن بقي غير مستحيل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.