التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (116)

قوله : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ذلك تأكيد من الله سبحانه على أنه لن يرضى عن المشركين ولن يتجاوز لهم عن إشراكهم وأنهم في الأذلين يوم القيامة حيث العذاب الأليم الخالد .

والشرك هو أعتى ضروب الخطيئات والمنكرات وأفدح ما يقارفه العبد من فوادح الذنوب ، وهو لفداحته واشتداد غضب الله من أجله فإنه لا أمل في محوه برحمة الله أو غفرانه . ويفهم من هذا النص أن المشركين خالدون في النار وأنهم لا محيد لهم من عذاب الله الواصب .

لكن مغفرة الله تصيب كل المعاصي دون الشرك . فأيما ذنب مهما كان كبيرا فإنه يظل دون فظاعة الشرك وأنه يمكن تجاوزه إذا ما خلصت النية وأقلع المسيء وأناب .

قوله : ( ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ) . ذلك بيان مريع ومؤثر عن فداحة الشرك الذي يبغضه الله أشد البغض ، ويشدد على استبشاعه أبلغ تشديد فهو أعظم الكبائر وأفظع السقطات التي يرتكس فيها العبد ليكون في الأذلين ولينحدر بنفسه إلى أسفل سافلين . ولا يسقط في الشرك إلا من ظلم نفسه فضلّ ضلالا بعيدا . ولا جرم أن يؤول الشرك إلى الضلال البعيد وهو الذهاب بالنفس إلى سحيق المهاوي وإلى أعمق أعماق الدركات حيث العمه والتّيه .