لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (116)

قوله عز وجل : { إن الله لا يغفر أن يشرك به } نزلت في طعمة بن أبيرق أيضا لكونه مات مشركاً وقال ابن عباس نزلت هذه الآية في شيخ من الأعراب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله إني شيخ منهمك في الذنوب غير أني لم أشرك بالله منذ عرفته وآمنت به ولم أتخذ مند دونه ولياً ولم أواقع المعاصي جراءة على الله عز وجل وما توهمت طرفة عين أني أعجز الله هرباً وإني لنادم تائب مستغفر فما حالي عند الله فأنزل الله هذه الآية : { إن الله لا يغفر أن يشرك به } فهذا نص صريح بأن الشرك غير مغفور إذا مات صاحبه عليه لأنه قد ثبت أن المشرك إذا تاب من شركه وآمن قبلت توبته وصح إيمانه وغفرت ذنوبه كلها التي عملها في حال الشرك { ويغفر ما دون ذلك } يعني ما دون الشرك { لمن يشاء } يعني لمن يشاء من أهل التوحيد قال العلماء لما أخبر الله أنه يغفر الشرك بالإيمان والتوبة علمنا أنه يغفر ما دون الشرك بالتوبة وهذه المشيئة فيمن لم يتب من ذنوبه من أهل التوحيد فإذا مات صاحب الكبيرة أو الصغيرة من غير توبة فهو على خطر المشيئة إن شاء غفر له وأدخله الجنة بفضله ورحمته وإن شاء عذبه ثم يدخله الجنة بعد ذلك { ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً } يعني فقد ذهب عن طريق الهدى وحرم الخير كله إذا مات على شركه فإن قلت لم كررت هذه الآية بلفظ واحد في موضعين من هذه السورة وما فائدة ذلك . قلت فائدة ذلك التأكيد أو لأن الآية المتقدمة نزلت في سبب . ونزلت هذه الآية في سبب آخر وهو أن الآية المتقدمة نزلت في سبب سرقة طعمة بن أبيرق ونزلت هذه الآية في سبب ارتداده وموته على الشرك .