السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (116)

{ إن الله لا يغفر أن يشرك به } أي : وقوع الشرك به من أيّ شخص كان وبأي شيء كان { ويغفر ما } أي : كل شيء هو { دون ذلك } أي : من سائر المعاصي لكن { لمن يشاء } لأنّ جميع الأمور بمشيئته .

روي ( أنّ شيخاً جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني شيخ منهمك في الذنوب إلا أني لم أشرك بالله شيئاً منذ عرفته وآمنت به ، ولم أتخذ من دونه ولياً ولم أوقع المعاصي جراءة وما توهمت طرفة عين إني أعجز الله هرباً وإني لنادم تائب مستغفر فما ترى حالي عند الله فنزلت { ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً } ) عن الحق فإن الشرك أعظم أنواع الضلالة وأبعدها عن الصواب والاستقامة ، وإنما ذكر في الآية الأولى ( فقد افترى ) ؛ لأنها متصلة بقصة أهل الكتاب ، ومنشأ شركهم نوع افتراء ، وهو دعوى التبني على الله .