معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (4)

قوله تعالى : { ما يجادل في آيات الله } في دفع آيات الله بالتكذيب والإنكار { إلا الذين كفروا } قال أبو العالية : آيتان ما أشدهما على الذين يجادلون في القرآن { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } { إن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } . ( البقرة-176 ) .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنبأنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا محمد بن خالد ، أنبأنا داود بن سليمان ، أنبأنا عبد الله بن حميد ، حدثنا الحسين ابن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن ليث ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن جدالاً في القرآن كفر " .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا إسماعيل ابن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : " سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً يتمارون في القرآن ، فقال : إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله عز وجل بعضه ببعض ، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضاً ، فلا تكذبوا بعضه ببعض ، فما علمتم منه فقولوه ، وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه " . قوله تعالى :{ فلا يغررك تقلبهم في البلاد } تصرفهم في البلاد للتجارات ، وسلامتهم فيها مع كفرهم ، فإن عاقبة أمرهم العذاب . نظيره قوله عز وجل :{ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد } ( آل عمران-196 ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (4)

يقول تعالى : ما يدفع الحق ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان { إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا } أي : الجاحدون لآيات الله وحججه وبراهينه ، { فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ } أي : في أموالهم ونعيمها وزهرتها ، كما قال : { لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ . مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ } [ آل عمران : 196 ، 197 ] ، وقال تعالى : { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ لقمان : 24 ] .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (4)

{ ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } لما حقق أمر التنزيل سجل بالكفر على المجادلين فيه بالطعن وإدحاض الحق لقوله : { وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق } وأما الجدال فيه لحل عقده واستنباط حقائقه وقطع تشبث أهل الزيغ به وقطع مطاعنهم فيه فمن أعظم الطاعات ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم " إن جدالا في القرآن كفر " بالتنكير مع أنه ليس جدالا فيه على الحقيقة . { فلا يغررك تقلبهم في البلاد } فلا يغررك إمهالهم وإقبالهم في دنياهم وتقلبهم في بلاد الشام واليمن بالتجارات المربحة فإنهم مأخوذون عما قريب بكفرهم أخذ من قبلهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (4)

وقوله : { ما يجادل في آيات الله } يريد جدالاً باطلاً ، لأن الجدال فيها يقع من المؤمنين لكن في إثباتها وشرحها .

وقوله : { فلا يغررك } أنزله منزلة : «فلا يحزنك ولا يهمنك » ، لتدل الآية على أنهم ينبغي أن لا يغتروا بإملاء الله تعالى لهم ، فالخطاب له والإشارة إلى من يقع منه الاغترار ، ويحتمل أن يكون { يغررك } بمعنى تظن أن وراء تقلبهم وإمهالهم خيراً لهم فتقول عسى أن لا يعذبوا وحل الفعل من الإدغام لسكون الحرف الثاني ، وحيث هما متحركان لا يجوز الحل ، لا تقول زيد يغررك{[9963]} . و : { تقلبهم في البلاد } عبارة عن تمتعهم بالمساكين والمزارع والأسفار وغير ذلك .


[9963]:فك الإدغام لغة أهل الحجاز، والإدغام لغة تميم، وقد قرأ بها زيد بن علي، وعبيد بن عمير.