ولما قرر تعالى أن القرآن كتاب أنزله ليهتدي به في الدين ذكر أحوال من يجادل لغرض إبطاله فقال : { ما يجادل } أي : يخاصم ويماري أي : يفتل الأمور إلى مراده { في آيات الله } أي : في إبطال أنوار الملك الأعظم المحيط بصفات الكمال الدال كالشمس على أنه تعالى إليه المصير بأن يغش نفسه بالشك في ذلك { إلا الذين كفروا } قال أبو العالية : آيتان ما أشدهما على الذين يجادلون في القرآن قوله تعالى : { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } وقوله تعالى : { وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } ( البقرة : 176 ) وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : «إن جدالاً في القرآن كفر » . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : «سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً يتمارون في القرآن فقال : إنما أهلك من كان قبلكم أنهم ضربوا كتاب الله بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوه وما جهلتم عنه فكلوه إلى عالمه » . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فسمعت أصوات رجلين اختلفا في آية ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال : «إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب » .
تنبيه : الجدال نوعان : جدال في تقرير الحق وجدال في تقرير الباطل . أما الأول : فهو حرفة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { وجادلهم بالتي هي أحسن } ( النحل : 125 ) وحكى عن قوم نوح قولهم : { يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا } ( هود : 32 ) . وأما الثاني : فهو مذموم وهو المراد بهذه الآية فجدالهم في آيات الله هو قولهم مرة هذا سحر ، ومرة هذا شعر ، ومرة هو قول الكهنة ، ومرة أساطير الأولين ، ومرة إنما يعلمه بشر ، وأشباه هذا .
ولما أثبت أن الحشر لا بد منه وأن الله تعالى قادر كل القدرة لأنه لا شريك له ، وهو محيط بجميع أوصاف الكمال تسبب عن ذلك قوله تعالى : { فلا يغررك تقلّبهم } أي : تنقلهم بالتجارات والفوائد والجيوش والعساكر وإقبال الدنيا عليهم { في البلاد } كبلاد الشام واليمن فإنهم مأخوذون عما قريب بكفرهم أخذ من قبلهم كما قال تعالى : { كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.