ثم لما ذكر أن القرآن كتاب الله أنزله ؛ ليهتدي به في الدين ذكر أحوال من يجادل فيه لقصد إبطاله ، فقال : { مَا يجادل في ءايات الله إِلاَّ الذين كَفَرُواْ } أي : ما يخاصم في دفع آيات الله ، وتكذيبها إلا الذين كفروا ، والمراد : الجدال بالباطل ، والقصد إلى دحض الحقّ كما في قوله : { وجادلوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق } . فأما الجدال لاستيضاح الحقّ ، ورفع اللبس ، والبحث عن الراجح ، والمرجوح ، وعن المحكم والمتشابه ، ودفع ما يتعلق به المبطلون من متشابهات القرآن ، وردّهم بالجدال إلى المحكم ، فهو من أعظم ما يتقرّب المتقرّبون ، وبذلك أخذ الله الميثاق على الذين أوتوا الكتاب ، فقال : { وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق الذين أُوتُواْ الكتاب لَتُبَيّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } [ آل عمران : 187 ] ، وقال : { إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ البينات والهدى مِن بَعْدِ مَا بيناه لِلنَّاسِ فِي الكتاب أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون } [ البقرة : 159 ] ، وقال : { وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتى هِي أَحْسَنُ } [ العنكبوت : 46 ] { فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي البلاد } لما حكم سبحانه على المجادلين في آيات الله بالكفر ، نهى رسوله صلى الله عليه وسلم عن أن يغترّ بشيء من حظوظهم الدنيوية ، فقال : فلا يغررك ما يفعلونه من التجارة في البلاد ، وما يحصلونه من الأرباح ، ويجمعونه من الأموال ، فإنهم معاقبون عما قليل ، وإن أمهلوا ، فإنهم لا يهملون . قال الزجاج : لا يغررك سلامتهم بعد كفرهم ، فإن عاقبتهم الهلاك . قرأ الجمهور : { لا يغررك } بفك الإدغام . وقرأ زيد بن عليّ ، وعبيد بن عمير بالإدغام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.