قوله تعالى : { مَا يُجَادِلُ في آيَاتِ الله إِلاَّ الذين كَفَرُواْ } لما قرر أن القرآن كتابه أنزله ليهتدى به في الدين ذكر أقوال{[47904]} من يجادل لغرض إبطاله فقال { ما يجادل في آيات الله } أي في دفع آيات الله بالتكذيب والإنكار إلا الذين كفروا .
واعلم أن الجدالَ نوعان ، جدالٌ في تقرير الحق ، وجدالٌ في تقرير الباطل ، أما الجدال في تقرير الحق فهو حِرْفة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - قال تعالى لمحمد عليه الصلاة والسلام { وَجَادِلْهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ } [ النحل : 125 ] . وحكى عن قوم نوح قولهم : { قَالُواْ يانوح قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } [ هود : 23 ] . وأما الجدال في تقرير الباطل فهو مذموم وهو المراد بهذه الآية ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : «إنَّ جِدَالاً في القُرْآنِ كُفْرٌ »{[47905]} وروى عمرو بنُ شُعَيْبٍ{[47906]} عن أبيه عن جده قال : «سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً يَتَمارَوْنَ فقال : إنما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ بهذا ضربوا كتابَ الله عزّ وجلّ بعضَه ببعض ، وإنما نزل كتاب الله يُصَدِّق بعضه بعضاً فلا تكذبوا بعضَه ببعض فما علمتم منه فقُولُوه ، وما جَهْلتم فكِلُوهُ إلى عالمه »{[47907]} ، وقال تعال : { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } [ الزخرف : 58 ] وقال : { وَجَادَلُوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق } [ غافر : 5 ] .
قوله «فَلاَ يَغْرُرْكَ » قرأ العامة بالفك وهي لغة الحِجَاز ، وزيدُ بنُ عليّ وعُبَيْدُ بن عُمَيْرٍ فلا يَغُرَّكَ بالإدغام مفتوح{[47908]} الراء وهي لغة تَمِيمٍ .
جدالهم في آيات الله هو قولهم مرة سحرٌ ، ومرة هو شعرٌ ، ومرة إنه قول الكهنة ، ومرة إنه أساطير الأولين ، ومرة إنه يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ، وقولهم : { مَا أَنتُمْ{[47909]} إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } [ يس : 15 ] أَأنْزِلَ عَلَيْنَا المَلاَئِكَةُ{[47910]} ، وأشباه هذا .
ثم قال : { فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي البلاد } أي لا تغترَّ بأني أمْهَلْتُهُمْ وتركتهم سالمين في أبدانهم وأموالهم يتقلبون في البلاد أي يتصرفون فيها للتجارات وطلب المعاش فإني وإن أمهلتهم فإني سآخذهم وأنتقم كما فعلت بالأمم الماضية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.