معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} (154)

قوله تعالى : { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات } . نزلت في قتلى بدر من المسلمين وكانوا أربعة عشر رجلاً ، ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار ، كان الناس يقولون لمن يقتل في سبيل الله مات فلان ، وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها ، فأنزل الله تعالى : ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات ) .

قوله تعالى : { بل أحياء ولكن لا تشعرون } . كما قال في شهداء أحد ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ) قال الحسن : إن الشهداء أحياء عند الله تعالى تعرض أرزاقهم على أرواحهم فيصل إليهم الروح والفرح كما تعرض النار على أرواح آل فرعون غدوة وعشية فيصل إليهم الوجع .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} (154)

وقوله تعالى : { وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ } يخبر تعالى أن الشهداء في بَرْزَخِهم أحياء يرزقون ، كما جاء في صحيح مسلم : " إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت{[2968]} ثم تأوي إلى قناديل مُعَلَّقة تحت العرش ، فاطَّلع عليهم ربك اطِّلاعَة ، فقال : ماذا تبغون ؟ فقالوا : يا ربنا ، وأيّ شيء نبغي ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك ؟ ثم عاد إليهم بمثل هذا ، فلما رأوا أنهم لا يُتْرَكُون من أن يسألوا ، قالوا : نريد أن تردنا إلى الدار الدنيا ، فنقاتل في سبيلك ، حتى نقتل فيك مرة أخرى ؛ لما يرون من ثواب الشهادة - فيقول الرب جلّ جلاله : إني كتبتُ أنَّهم إليها لا يرجعون " {[2969]} .

وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد ، عن الإمام الشافعي ، عن الإمام مالك ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نَسَمَةُ المؤمن طائر تَعْلَقُ في شجر الجنة ، حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه " {[2970]} .

ففيه دلالة لعموم المؤمنين أيضًا ، وإن كان الشهداء قد خصِّصُوا {[2971]} بالذكر في القرآن ، تشريفًا لهم وتكريمًا وتعظيما{[2972]} .


[2968]:في أ: "حيث ما شاءت".
[2969]:صحيح مسلم برقم (1887) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ولفظه مختلف لكن معناه واحد.
[2970]:المسند (3/455).
[2971]:في جـ: "قد خصوا".
[2972]:في جـ: "تعظيما وتكريما".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} (154)

{ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات } أي هم أموات { بل أحياء } أي بل هم أحياء . { ولكن لا تشعرون } ما حالهم ، وهو تنبيه على أن حياتهم ليست بالجسد ولا من جنس ما يحس به من الحيوانات ، وأنما هي أمر لا يدرك بالعقل بل وبالوحي ، وعن الحسن { إن الشهداء أحياء عند ربهم تعرض أرزاقهم على أرواحهم فيصل إليهم الروح والفرح ، كما تعرض النار على أرواح آل فرعون غدوا وعشيا فيصل إليهم الألم والوجع ) . والآية نزلت في شهداء بدر ، وكانوا أربعة عشر ، وفيها دلالة على أن الأرواح جواهر قائمة بأنفسها مغايرة لما يحس به من البدن تبقى بعد الموت داركة ، وعليه جمهور الصحابة والتابعين ، وبه نطقت الآيات والسنن ، وعلى هذا فتخصيص الشهداء لاختصاصهم بالقرب من الله تعالى ، ومزيدة البهجة والكرامة .