الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} (154)

قوله تعالى : { أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ } : خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ أي : لا تقولوا : هم أمواتٌ ، وكذلك " أحياءٌ " خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي : بل هم أحياءٌ ، وقد راعى لفظَ " مَنْ " مرةً فأَفْرَدَ في قولِه " يُقْتَلُ " ، ومعناها أخرى فَجَمَع في قولِه { أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ } واللامُ هنا للعِلَّة ، ولا تكونُ للتبليغ ، لأنهم لم يُبَلِّغوا الشهداء قولَهم هذا . والجملةُ من قولِه : " هم أمواتٌ " في محلِّ نصب بالقول لأنها محكيَّة به ، وأما { بَلْ هُمْ أَحْيَاءٌ } فيتحمل وجهين ، أحدهما ألاَّ يكونَ له محلٌّ مِنَ الإِعرابِ ، بل هو إخبارٌ مِنَ الله تعالَى بأنَّهم أحياءٌ ، ويُرَجِّحُه قولُه : { وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ } إذ المعنى لا شعورَ لكم بحياتِهم . والثاني : أن يكون محلُّه النصبُ بقولٍ محذوفٍ تقديرُه ، بل قولوا هم أحياء ، ولا يجوزُ أن ينتصِبَ بالقولِ الأولِ لفسادِ المعنى ، وحُذِفَ مفعولُ " يشعرون " " لِفَهْمِ المعنى أي : بحياتِهم .