تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} (154)

الآية 154 وقوله تعالى : ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء ) قيل فيه بوجوه : قيل : إن العرب تعرف الميت{[1756]} من انقطع ذكره ؛ إذا لم يبق له أحد يذكر به من نحو الولد وغيره ، فيقولون عن{[1757]} هؤلاء : إن ذكرهم قد انقطع ، فأخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أنهم مذكورون في ملإ من الملائكة .

وقال الحسن : ( إن أرواح المؤمنين تعرض على الجنان ، وتعرض أرواح الكفرة على النيران ، فيكون لأرواح الشهداء فضل لذة ما لا يكون لغيرهم من الأرواح ، ويكون لأرواح آل فرعون فضل ألم بعرضها على النار ما لا يكون لغيرهم من الكفرة ذلك ، فاستوجبوا اسم الحياة بفضل لذة ما يجدون من اللذة على غيرهم ) . أخبر عز وجل أن [ أرواح الشهداء ]{[1758]} في الغيب تتلذذ مثل تلذذهم على ما كانت عليه في الأجساد في دنياهم هذه .

وقيل : إن الشهيد حي عند ربه كما عرف في اللغة أن الشهيد ، هو [ الحاضر : أخبر عز وجل أنهم حضور عند ربهم ، وإن غابوا عنكم ]{[1759]} ، وقيل إن الحياة والموت على ضروب : فمنها الحياة الطبيعية{[1760]} والحياة العرضية{[1761]} [ والموت الطبيعي ]{[1762]} والموت العرضي ؛ فالحياة [ العرضية ، هي اليقظة ، وهي ]{[1763]} الحياة بالدين كقوله : ( أو من كان ميتا فأحييناه ) [ الأنعام : 122 ] وكقوله : /2-أ/ ( في الحياة ) [ غافر : 51 ] بالعلم [ والموت العرضي ، هو الموت ]{[1764]} بالجهل . والحياة [ الطبيعية هي التي بها ]{[1765]} قوام النفس ، والموت الطبيعي هو الذي به فوات النفس ، والشهادة [ هي التي بها ]{[1766]} اكتساب الحياة في الآخرة ، سمي به حيا ، والله أعلم .

ويحتمل قوله{[1767]} تعالى : ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا ) [ أي لا تقولوا ( أمواتا ) ]{[1768]} لما ينفر طبعكم عن الموت ، ولكن قولوا ( بل أحياء ) لترغب أنفسكم في الجهاد ؛ إذ هو يرد بحياة الدنيا والدين مع ما يحتمل أن يكون الله بفضله يجعل لهم ما كان لهم لو كانوا أحياء يعملون ، فكأنهم أحياء فيما جعلت لهم حياة الدنيا ، والله أعلم .


[1756]:- في النسخ الثلاث: الموتى.
[1757]:- في النسخ الثلاث: عند.
[1758]:- من ط ع، في الأصل و م: أرواحهم.
[1759]:- ساقطة من ط ع.
[1760]:- في النسخ الثلاث: الطبيعي.
[1761]:- في النسخ الثلاث العرضي.
[1762]:- من ط ع، ساقطة من الأصل و م.
[1763]:- في النسخ الثلاث: العرضي هو اليقظة وهو.
[1764]:- في النسخ الثلاث: إنه ميت.
[1765]:- في النسخ الثلاث العرضي.
[1766]:- في النسخ الثلاث: هو الذي به.
[1767]:- من ط ع، في الأصل و م: وقوله.
[1768]:- من ط ع.