السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} (154)

{ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله } هم { أموات بل } هم { أحياء ولكن لا تشعرون } أي : لا تعلمون كيف حالهم في حياتهم .

قال البيضاويّ : وهو تنبيه على أنّ حياتهم ليست بالجسد ولا من جنس ما يحس به من الحيوانات ، وإنما هي أمر لا يدرك بالعقل بل بالوحي اه .

وهذا ما عليه أكثر المفسرين ، قال ابن عاد : ويحتمل أنّ حياتهم بالجسد وإن لم تشاهد وأيد بأن حياة الروح ثابتة لجميع الأموات بالاتفاق ، فلو لم تكن حياة الشهيد بالجسد لاستوى هو وغيره ولم تكن له مزية اه .

وقد يرد بأنّ الشهداء فضلوا على غيرهم بأنهم يرزقون من مطاعم الجنة ومآكلها وغيرهم من المؤمنين منعمون بما دون ذلك . وفي الحديث : ( أرواحهم في حواصل طيور خضر تسرح في أنهار الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل تحت العرش ) وعن الحسن : أن الشهداء أحياء عند الله تعرض أرزاقهم على أرواحهم ، فيصل إليهم الروح أي : الاستراحة أي : التلذذ والتنعم والفرح كما تعرض النار على أرواح آل فرعون غدّواً وعشياً ، فيصل إليهم الوجع والغم . وعلى هذا فتخصيص الشهداء لاختصاصهم بالقرب من الله ومزيد السرور والكرامة والأرواح جواهر قائمة بأنفسها تبقى بعد الموت دراكة كما عليه جمهور الصحابة والتابعين ونطقت به الآيات والسنن .