الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} (154)

هذا مثل قوله تعالى في الآية الأخرى : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " [ آل عمران : 169 ] ، وهناك{[1315]} يأتي الكلام في الشهداء وأحكامهم ، إن شاء الله تعالى . وإذا كان الله تعالى يحييهم بعد الموت ليرزقهم - على ما يأتي - فيجوز أن يحيي الكفار ليعذبهم ، ويكون فيه دليل على عذاب القبر . والشهداء أحياء كما قال الله تعالى ، وليس معناه أنهم سيحيون ، إذ لو كان كذلك لم يكن بين الشهداء وبين غيرهم فرق إذ كل أحد سيحيا . ويدل على هذا قوله تعالى : " ولكن لا تشعرون " والمؤمنون يشعرون أنهم سيحيون . وارتفع " أموات " على إضمار مبتدأ ، وكذلك " بل أحياء " أي هم أموات وهم أحياء ، ولا يصح إعمال القول فيه لأنه ليس بينه وبينه تناسب ، كما يصح في قولك : قلت كلاما وحجة .


[1315]:راجع ج 4 ص 268