النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ} (154)

قوله تعالى : { وَلاَ تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَتٌ{[228]} بَلْ أَحْيَآءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ } وسبب ذلك أنهم كانوا يقولون لقتلى بدر وأُحُد : مات فلان ، ومات فلان ، فنزلت الآية وفيها تأويلان :

أحدهما : أنهم ليسوا أمواتاً وإن كانت أجسامهم أجسام الموتى بل هم عند الله أحياء النفوس منعّمو{[229]} الأجسام .

والثاني : أنهم ليسوا بالضلال أمواتاً بل هم بالطاعة والهدى أحياء ، كما قال تعالى :

{ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ في النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ في الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا }

[ الأنعام : 122 ] فجعل الضالَّ ميتاً ، والمُهْتَدي حياً .

ويحتمل تأويلاً ثالثاً : أنهم ليسوا أمواتاً بانقطاع الذكر عند الله وثبوت الأجر .


[228]:- التقدير: لا تقولوا هم أموات بل هم أحياء فكل من أموات وأحياء خبر لكلمة "هم" المقدرة قبلها.
[229]:- في ك منعوا وفي ق فنعموا، ومعنى: منعمو الأجسام إن الله يرد أرواحهم في قبورهم إلى أجسامهم فينعمون.