قوله تعالى : { جند ما هنالك } أي : هؤلاء الذين يقولون هذا القول جند هنالك ، و ( ( ما ) ) صلة ، { مهزوم } مغلوب ، { من الأحزاب } أي : من جملة الأجناد ، يعني : قريشاً . قال قتادة : أخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وهو بمكة أنه سيهزم جند المشركين ، وقال : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } فجاء تأويلها يوم بدر ، و( ( هنالك ) ) إشارة إلى بدر ومصارعهم ، ( ( من الأحزاب ) ) ، أي : من حملة الأحزاب ، أي : هم القرون الماضية الذين تحزبوا وتجمعوا على الأنبياء بالتكذيب ، فقهروا وأهلكوا .
ثم قال : { جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ } أي : هؤلاء الجند المكذبون الذين هم في عزة وشقاق سيهزمون ويغلبون ويكبتون كما كبت الذين من قبلهم من الأحزاب المكذبين وهذه كقوله : { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } وكان ذلك يوم بدر { بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ } [ القمر : 44 : 46 ] .
وقوله : ( جُنْدٌ مّا هنالك مَهزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ ) : يقول تعالى ذكره : هم جُنْدٌ : يعني الذين في عزة وشقاق هنالك ، يعني : ببدر مهزوم . وقوله : هُنالكَ من صلة مهزوم وقوله : مِنَ الأحْزَابِ يعني من أحزاب إبليس وأتباعه الذين مضوا قبلهم ، فأهلكهم الله بذنوبهم . و«مِنْ » من قوله : مِنَ الأحْزَابِ من صلة قوله جند ، ومعنى الكلام : هم جند من الأحزاب مهزوم هنالك ، وما في قوله : جُنْدٌ ما هُنالكَ صلة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( جُنْدٌ مّا هُنالكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ ) : قال : قُريش من الأحزاب ، قال : القرون الماضية .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( جُنْدٌ مّا هُنالكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ ) : قال : وعده الله وهو بمكة يومئذٍ أنه سيهزم جندا من المشركين ، فجاء تأويلها يوم بدر . وكان بعض أهل العربية يتأوّل ذلك جُنْدٌ مّا هُنالكَ مغلوب عن أن يصعد إلى السماء .
يجوز أن يكون استئنافاً يتصل بقوله : { كمْ أهلكنا من قبلهم من قَرنٍ } [ ص : 3 ] الآية أريد به وصل الكلام السابق فإنه تقدم قوله : { بل الذين كفروا في عزَّةٍ وشقاقٍ } [ ص : 2 ] وتلاه قوله : { كم أهلكنا من قبلهم من قرن } الآية . فلما تقضى الكلام على تفصيل ما للذين كفروا من عزة وشقاق وما لذلك من الآثار ثُني العِنان إلى تفصيل مَا أَهلَك من القرون أمثالهم من قبلهم في الكفر ليفضي به إلى قوله : { كذبت قبلهم قوم نوح } [ ص : 12 ] إلى قوله : { فحَقَّ عِقَابِ } [ ص : 14 ] .
فتكون جملة { كذبت قبلهم قومُ نوح } بدلاً من جملة { جندٌ ما هنالِكَ مهزومٌ من الأحزابِ } بدلَ بعض من كلّ . ويجوز أن يَكون استئنافاً ابتدائياً مستقلاً خارجاً مخرج البشارة للنبيء صلى الله عليه وسلم بأن هؤلاء جند من الأحزاب مهزوم ، أي مقدّر انهزامه في القريب ، وهذه البشارة معجزة من الإِخبار بالغيب ختم بها وصف أحوالهم . قال قتادة : وعد الله أنه سيهزمهم وهم بمكة فجاء تأويلها يوم بدر . وقال الفخر : إشارة إلى فتح مكة . وقال بعض المفسرين : إشارة إلى نصر يوم الخندق .
وعادة الأخبار الجارية مجرى البشارة أو النذارة بأمر مغيب أن تكون مرموزة ، والرمز في هذه البشارة هو اسم الإِشارة من قوله : { هُنَالِكَ } فإنه ليس في الكلام ما يصلح لأن يشار إليه بدون تأوُّل فلْنجعله إشارة إلى مكان أَطْلَع الله عليه نبيئه صلى الله عليه وسلم وهو مكان بدر . ويجوز أن يكون لفظ { الأحزابِ } في هذه الآية إشارة خفية إلى انهزام الأحزاب أيام الخندق فإنها عرفت بغزوة الأحزاب . وسمّاهم الله { الأحزابِ } في السورة التي نزلت فيهم ، فتكون تلك التسمية إلهاماً كما ألهم الله المسلمين فسمَّوا حَجَّة النبي صلى الله عليه وسلم حجَّة الوَداع وهو يومئذٍ بينهم سليم المزاج ، وهذا في عداد المعجزات الخفية التي جمعنا طائفة منها في كتاب خاص . ولعل اختيار اسم الإشارة البعيد رمزٌ إلى أن هذا الانهزام سيكون في مكان بعيد غير مكة فلا تكون الآية مشيرة إلى فتح مكة لأن ذلك الفتح لم يقع فيه عذاب للمكذبين بل عفا الله عنهم وكانوا الطلقاء .
وهذه الإِشارة قد علمها النبي صلى الله عليه وسلم وهي من الأسرار التي بينه وبين ربه حتى كان المستقبل تأويلَها كما علم يعقوب سرَّ رؤيا ابنه يوسف ، فقال له : { لا تقصص رؤياك على إخوتك } [ يوسف : 5 ] . ولم يعلَم يوسف تأويلها إلا يوم قال : { يا أبتتِ هذا تأويل رؤياي من قبلُ قد جعلها ربي حقّاً } [ يوسف : 100 ] يشير إلى سجود أبويه له .
وأما ظاهر الآية الذي تلقاه الناس يوم نزولها فهو أن الجند هم كفار أهل مكة وأن التنوين فيه للنوعية ، أي ما هم إلا جند من الجنود الذين كذبوا فأُهلكوا ، وأن الإِشارة ب { هُنَالِكَ } إلى مكان اعتباري وهو ما هم فيه من الرفعة الدنيوية العرفية وأَن الانهزام مستعار لإِضعاف شوكتهم ، وعلى التفسيرين الظاهر والمؤول لا تعدو الآية أن تكون تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيتاً له وبشارة بأن دينه سيظهر عليهم .
والجند : الجماعة الكثيرة قال تعالى : { هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود } [ البروج : 17 - 18 ] .
و { ما } حرف زائد يؤكد معنى مَا قبله فهي توكيد لما دلّ عليه { جُندٌ } بمعناه ، وتنكيره للتعظيم ، أي جند عظيم ، لأن التنوين وإن دلّ على التعظيم فليس نصاً فصار بالتوكيد نصاً . وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى : { إن اللَّه لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها } في سورة [ البقرة : 26 ] ، فإن كانت الآية مشيرة إلى يوم بدر فتعظيم { جُندٌ } لأن رجاله عظماء قريش مثل أبي جهل وأمية بن خلف ، وإن كانت مشيرة إلى يوم الأحزاب فتعظيم { جُندٌ } لكثرة رجاله من قبائل العرب .
ووصف { جُندٌ } ب { مَهْزومٌ } على معنى الاستقبال ، أي سيهزم ، واسم المفعول كاسم الفاعل مجاز في الاستقبال ، والقرينةُ حاليَّة وهو من باب استعمال ما هو للحال في معنى المستقبل تنبيهاً على تحقيق وقوعه فكأنه من القرب بحيث هو كالواقع في الحال .
و { الأحزاب } : الذين على رأي واحد يتحزَّب بعضهم لبعض ، وتقدم في سورة الأحزاب .
و { مِن } للتبعيض . والمعنى : أن هؤلاء الجند من جملة الأمم وهو تعريض لهم بالوعيد بأن يحلّ بهم ما حلّ بالأمم ، قال تعالى : { وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم } [ غافر : 30 - 31 ] .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب}: فأخبر الله تعالى بهزيمتهم ببدر مثل قوله: {سيهزم الجمع} ببدر.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"جُنْدٌ مّا هنالك مَهزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ": يقول تعالى ذكره: هم جُنْدٌ: يعني الذين في عزة وشقاق هنالك، يعني: ببدر مهزوم...
وقوله: "مِنَ الأحْزَابِ "يعني من أحزاب إبليس وأتباعه الذين مضوا قبلهم، فأهلكهم الله بذنوبهم... ومعنى الكلام: هم جند من الأحزاب مهزوم هنالك...عن مجاهد: "جُنْدٌ مّا هُنالكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ": قال: قُريش من الأحزاب، قال: القرون الماضية...
عن قتادة: "جُنْدٌ مّا هُنالكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ "قال: وعده الله وهو بمكة يومئذٍ أنه سيهزم جندا من المشركين، فجاء تأويلها يوم بدر.
وكان بعض أهل العربية يتأوّل ذلك جُنْدٌ مّا هُنالكَ مغلوب عن أن يصعد إلى السماء.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
... في الآية وجوه ثلاثة من الدلالة:
أحدها: الأمن له من أن يصلوا إلى قتله وإهلاكه على الآحاد والإفراد كقوله عز وجل: {فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون} [هود: 55].
الثاني: الأمن له من أن يصلوا إلى قتله وإهلاكه على الجمع والاجتماع له كقوله عز وجل: {سيهزم الجمع ويولون الدبر} [القمر: 45].
الثالث: البشارة له أنهم يهزمون في ضعفه وقلة أعوانه وأنصاره مع كثرة هؤلاء وعدتهم.
ففي الوجوه الثلاثة التي ذكرنا دلالة رسالته صلى الله عليه وسلم حين أخبر بما ذكر فكان على ما أخبر؛ دل أنه بالله تعالى عرف ذلك صلى الله عليه وسلم.
{جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب}: حين تحزبوا عليها قال بعضهم: إنه ساحر، وقال بعضهم: إنه كذاب، وإنه مفتر، وإنه مجنون على ما تحزبوا عليه، وتفرقت قلوبهم فيه، وتلونت.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
الجند: جمع معد للحرب جمعه أجناد وجنود...
المهزوم: من وقعت بهم الهزيمة، وهي الفرار من الحرب...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
بل هم جُنْد من الأحزاب المتحزبين، كُلُّهم عَجَزَةٌ لا يقدرون على ذلك، مهزومون. شَبَّهَهُم في بقائهم عن مرادهم بالمهزومين؛ فإن هؤلاء الكفار ليس معهم حُجَّةُ، ولا لهم قوة، ولا لأصنامهم أيضاً من النفع والضر مُكْنَة، ولا في الردِّ والدفع عن أنفسهم قدرة...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
خسأهم خساءة عن ذلك بقوله: {جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الأحزاب}: ما هم إلا جيش من الكفار المتحزبين على رسل الله، مهزوم مكسور عما قريب، فلا تبال بما يقولون، ولا تكترث لما به يهذون.
(ما) مزيدة، وفيها معنى الاستعظام...
{هُنَالِكَ} إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم، من قولهم لمن ينتدب لأمر ليس من أهله: لست هنالك.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{جند من هنالك مهزوم}: اختلف المتأولون في الإشارة ب {هنالك} إلى ما هي؟ فقالت فرقة: أشار إلى الارتقاء في الأسباب، أي هؤلاء القوم إن راموا ذلك جند مهزوم، وهذا قوي.
وقالت فرقة: الإشارة ب {هنالك} إلى حماية الأصنام وعضدها؛ أي هؤلاء القوم جند مهزوم في هذه السبيل...
إنه تعالى لما قال إن كانوا يملكون السماوات والأرض فليرتقوا في الأسباب، ذكر عقيبه أنهم جند من الأحزاب منهزمون ضعيفون، فكيف يكونون مالكي السماوات والأرض وما بينهما...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما انتفى عنهم بما مضى وعن كل من يدعون ممالأته ومناصرته من آلهتهم وغيرها خصائص الإلهية، أنتج ذلك أنهم من جملة عباده سبحانه، فعبر عن حالهم بأعلى ما يصلون إليه من التجمع والتعاضد الذي دل عليه ما تقدم الإخبار عنه من عزتهم وشقاقهم، ونفرتهم عن القبول وانطلاقهم، فقال مخبراً عن مبتدأ حذف لوضوح العلم به:
{جند ما} ليسوا في شيء مما مضى وإنما هم جند حقيرون من بعض جنودنا متعاونون في نجدة بعضهم لبعض.. وبين بعدهم عن غير ما أقامهم فيه واستعملهم له من الرتب التي فرضها لهم وسفولهم عنها بقوله واصفاً لجند: {هنالك} أي في الحضيض عن هذه المرامي العالية، وبين أنه كثيراً ما تحزب أمثالهم على الرسل فما ضروا إلا أنفسهم بقوله واصفاً بعد وصف مفرداً تحقيراً: {مهزوم} أي له الانهزام صفة راسخة ثابتة {من الأحزاب} أي الذين جرت عادتهم عزة وشقاقاً بالتحزب على الأنبياء ثم تكون عليهم الدائرة، وللرسل عليهم السلام العاقبة، فلا تكترث بهم أصلاً...
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
"ما" مزيدة قيل للتقليل والتحقير نحو أكلت شيئاً ما وقيل للتعظيم والتكثير، واعترض بأنه لا يلائمه.
{مَهْزُومٌ} أجيب بأن الوصف بالعظمة والكثرة على سبيل الاستهزاء فهي بحسب اللفظ عظمة وكثرة وفي نفس الأمر ذلة وقلة، ورجح بأن الأكثر في كلامهم كونها للتعظيم نحو لأمر ما جدع قصير أنفه، مع أن الكلام لتسليته صلى الله عليه وسلم وتبشيره بانهزامهم وذلك أكمل على هذا التقدير، بل قيل إن التبشير بخذلان عدد حقير ربما أشعر بإهانة وتحقير وفيه نظر...
وأصل الهزم غمز الشيء اليابس حتى ينحطم كهزم الشن وهزم القثاء والبطيخ ومنه الهزيمة؛ لأنه كما يعبر عنه بالحطم والكسر، والتعبير عما لم يقع باسم المفعول المؤذن بالوقوع...
تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :
الوصف بالهزم لتحقق الوقوع كأنه ماض، أو يفسر اسم المفعول بالاستقبال...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
إنهم ما يزيدون على أن يكونوا جنداً مهزوماً ملقى (هنالك) بعيدا لا يقرب من تصريف هذا الملك وتدبير تلك الخزائن، ولا شأن له فيما يجري في ملك الله؛ ولا قدرة له على تغيير إرادة الله ولا قوة له على اعتراض مشيئة الله..
(جند ما) جند مجهول منكر هين الشأن.
(مهزوم) كأن الهزيمة صفة لازمة له، لاصقة به، مركبة في كيانه!
(من الأحزاب) المختلفة الاتجاهات والأهواء! وما يبلغ أعداء الله ورسوله إلا أن يكونوا في هذا الموضع الذي تصوره ظلال التعبير القرآني، الموحية بالعجز والضعف والبعد عن دائرة التصريف والتدبير مهما تبلغ قوتهم ويتطاول بطشهم، ويتجبروا في الأرض فترة من الزمان.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
عادة الأخبار الجارية مجرى البشارة أو النذارة بأمر مغيب أن تكون مرموزة، والرمز في هذه البشارة هو اسم الإِشارة من قوله: {هُنَالِكَ} فإنه ليس في الكلام ما يصلح لأن يشار إليه بدون تأوُّل؛ فلْنجعله إشارة إلى مكان أَطْلَع الله عليه نبيئه صلى الله عليه وسلم وهو مكان بدر.
يجوز أن يكون لفظ {الأحزابِ} في هذه الآية إشارة خفية إلى انهزام الأحزاب أيام الخندق فإنها عرفت بغزوة الأحزاب، وسمّاهم الله {الأحزابِ} في السورة التي نزلت فيهم، فتكون تلك التسمية إلهاماً كما ألهم الله المسلمين فسمَّوا حَجَّة النبي صلى الله عليه وسلم حجَّة الوَداع وهو يومئذٍ بينهم سليم المزاج، ولعل اختيار اسم الإشارة البعيد رمزٌ إلى أن هذا الانهزام سيكون في مكان بعيد غير مكة فلا تكون الآية مشيرة إلى فتح مكة؛ لأن ذلك الفتح لم يقع فيه عذاب للمكذبين بل عفا الله عنهم وكانوا الطلقاء.
{الأحزاب}: الذين على رأي واحد يتحزَّب بعضهم لبعض.
{مِن} للتبعيض، والمعنى: أن هؤلاء الجند من جملة الأمم، وهو تعريض لهم بالوعيد بأن يحلّ بهم ما حلّ بالأمم، {وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم} [غافر: 30 -31].