السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ} (11)

وقوله تعالى : { جُندٌ ما هنالك مهزوم من الأحزاب } خبر مبتدأ مضمر أي : هم قريش جند من الكفار المتحزبين على الرسل عليهم السلام ، مهزوم : مكسور عما قريب ، فمن أين لهم تدبير الإلهية والتصرف في الأمور الربانية ، فلا تكترث بما تقوله قريش ، قال قتادة : أخبر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وهو بمكة أنه سيهزم جند المشركين ، فقال تعالى : { سيهزم الجمع ويولّون الدبر } ( القمر : 45 ) فجاء تأويلها يوم بدر وهنالك إشارة إلى بدر ومصارعهم ، وقيل : يوم الخندق ، قال الرازي : والأصح عندي حمله على يوم فتح مكة لأن المعنى أنهم جند سيصيرون مهزومين في الموضع الذي ذكروا فيه هذه الكلمات وذلك الموضع هو مكة فوجب أن يكون المراد أنهم سيصيرون مهزومين في مكة وما ذاك إلا في يوم الفتح .

تنبيه : في ما وجهان ، أحدهما : أنها مزيدة ، والثاني : أنها لجند على سبيل التعظيم للمهزومين وللتحقير ، فإن ما الصفة تستعمل لهذين المعنيين ، وقد تقدم الكلام عليها في أوائل البقرة ، وهنالك صفة لجند وكذلك مهزوم ومن الأحزاب .