فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ} (11)

{ جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ } : هذا وعد من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم بالنصر عليهم ، والظفر ، و { جند } مرتفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي هم جند حقير ، يعني الكفار مهزوم مكسور عما قريب ، فلا تبال بهم ، ولا تظن أنهم يصلون إلى شيء مما يضمرونه بك من الكيد ، و { ما } في قوله : ما هنالك هي صفة لجند ، لإفادة التعظيم أو التحقير ، أي جند أي جند ، وقيل هي زائدة ، يقال : هزمت الجيش كسرته ، وتهزمت القرية إذا تكسرت ، وهذا الكلام متصل بما تقدم ، وهو قوله : { بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } وهم جند من الأحزاب مهزومون فلا تحزن لعزتهم وشقاقهم ، فإني أسلب عزمهم وأهزم جمعهم ، وقد وقع ذلك ولله الحمد في يوم بدر ، وفيما بعده من مواطن الله ، وهو إخبار بالغيب ، وقيل : مشار به إلى نصرة الإسلام ، وقيل : إلى حفر الخندق ، يعني إلى مكان ذلك ، قال الرازي : والأصح عندي حمله على يوم فتح مكة ، لأن المعنى أنهم جند سيصيرون مهزومين في الموضع الذي ذكروا فيه هذه الكلمات ، وذلك الموضع هو مكة وما ذاك إلا في يوم الفتح .