تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ} (11)

قوله تعالى : { جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب } قال بعضهم : حرف ما صلة كأنه قال عز وجل : مهزوم من الأحزاب . وقال بعضهم : جند بل هنالك مهزوم من الأحزاب . وجائز أن يكون على تحقيق ما فيه ، أي جند ما يهزم هنالك من الأحزاب لا كل الأجناد ، وهو الجند الذين خرجوا عليه بالمباهلة ، وهم الذين قالوا : اللهم انصر أينا أوصل رحما وأنفع مالا وأخير للخلق . فغلبوا هم ، وقهروا . وقال عامة أهل التأويل : هو الجند الذين قتلوا ببدر ، والله أعلم .

ثم في الآية وجوه ثلاثة من الدلالة : أحدها : الأمن له من أن يصلوا إلى قتله وإهلاكه على الآحاد والإفراد كقوله عز وجل : { فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون } [ هود : 55 ] . والثاني : الأمن له من أن يصلوا إلى قتله وإهلاكه على الجمع والاجتماع له كقوله عز وجل : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } [ القمر : 45 ] . والثالث : البشارة له أنهم يهزمون في ضعفه وقلة أعوانه وأنصاره مع كثرة هؤلاء وعدتهم .

ففي الوجوه الثلاثة التي ذكرنا دلالة رسالته صلى الله عليه وسلم حين أخبر بما ذكر ، فكان على ما أخبر . دل أنه بالله تعالى عرف ذلك صلى الله عليه وسلم والله أعلم .

وقوله تعالى : { جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب } : حين تخربوا عليها قال بعضهم : إنه ساحر ، وقال بعضهم : إنه كذاب ، وإنه مفتر ، وإنه مجنون على ما تحزبوا عليه ، وتفرقت قلوبهم فيه ، وتلونت ، والله أعلم .