معاني القرآن للفراء - الفراء  
{جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ} (11)

وقوله : { جُندٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الأَحَزَابِ } : يقول مغلوب عن أن يصعد إلى السَّماء . و ( ما ) ها هنا صلةٌ . والعرب تجعل ( ما ) صلةً في المواضع التي دخولها وخروجُها فيها سواء ، فهَذَا من ذلكَ . وقوله { عَما قليلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ } من ذلكَ . وقوله { فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ } من ذلكَ ؛ لأن دخولها وخروجها لا يغيّر المعْنَى .

وأما قوله { إِلاَّ الذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ } فإنه قد يكون على هَذَا المعْنَى .

ويكون أن تجعل ( ما ) اسْما وتجعل ( هم ) صلة لما ؛ ويكون المعْنى : وقليل ما تجدَنَّهم فتوجّه ( ما ) والاسْم إلى المصْدر ؛ ألاَ ترى أَنك تقول : قد كنت أراكَ أعقل مما أنت فجعلتَ ( أنت ) صلةً لما ؛ والمعْنَى ، كنت أرى عقلك أكثر مما هو ، وَلو لَمْ ترد المصدر لم تجعل ( ما ) للناس ، لأنَّ منْ هي التي تكونُ للناس وَأَشبَاهِهم . والعرب تقول : قد كُنت أراك أعْقل منكَ ومعناهما واحد ، وكذلك قولهم : قد كنتُ أراه غير ما هو المعنى : كنت أراه على غَير ما رَأَيتُ منه .