قوله تعالى : { قل إن تخفوا ما في صدوركم } قلوبكم من مودة الكفار .
قوله تعالى : { أو تبدوه } من موالاتهم قولاً وفعلاً .
قوله تعالى : { يعلمه الله } . وقال الكلبي : إن تسروا ما في قلوبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من التكذيب أو تظهروه بحرية وقتاله ، يعلمه الله ويحفظه عليكم حتى يجازيكم به ثم قال :
قوله تعالى : { ويعلم ما في السماوات وما في الأرض } يعني إذا كان لا يخفى عليه شيء في السماوات ولا في الأرض ، فكيف يخفى عليه موالاتكم الكفار وميلكم إليهم بالقلب .
يخبر تبارك وتعالى عباده أنه يعلم السرائر والضمائر والظواهر ، وأنه لا يخفى عليه منهم خافية ، بل علمه محيط بهم في سائر الأحوال والآنات واللحظات وجميع الأوقات ، وبجميع ما في السموات والأرض ، لا يغيب عنه مثقال ذرة ، ولا أصغر من ذلك في جميع أقطار الأرض والبحار والجبال ، وهو { عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي : قدرته{[4941]} نافذة في جميع ذلك .
وهذا تنبيه منه لعباده على خوفه وخشيته ، وألا يرتكبوا ما نهى عنه وما يَبْغضه منهم ، فإنه عالم بجميع أمورهم ، وهو قادر على معاجلتهم بالعقوبة ، وإنْ أنظر من أنظر منهم ، فإنه يمهل ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر ؛ ولهذا قال بعد هذا : { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا
[ وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ] {[4942]} } الآية .
{ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
يعني بذلك جلّ ثناؤه : قل يا محمد للذين أمرتهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، إن تخفوا ما في صدوركم من موالاة الكفار فتسرّوه ، أو تبدوا ذلكم من أنفسكم بألسنتكم وأفعالكم ، فتظهروه يعلمه الله فلا يخفى عليه¹ يقول : فلا تضمروا لهم مودّة ، ولا تظهروا لهم موالاة ، فينالكم من عقوبة ربكم ما لا طاقة لكم به ، لأنه يعلم سركم وعلانيتكم ، فلا يخفى عليه شيء منه ، وهو محصيه عليكم حتى يجازيكم عليه بالإحسان إحسانا ، وبالسيئة مثلها . كما :
حدثني موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي ، قال : أخبرهم أنه يعلم ما أسرّوا من ذلك وما أعلنوا ، فقال : { إِنْ تُخْفُوا ما في صُدُورِكُمْ أوْ تُبْدُوهُ } .
وأما قوله : { وَيَعْلَمُ مَا فِي السّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ } فإنه يعني أنه إذ كان لا يخفى عليه شيء هو في سماء أو أرض أو حيث كان ، فكيف يخفى عليه أيها القوم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، ما في صدوركم من الميل إليهم بالمودّة والمحبة ، أو ما تبدونه لهم بالمعونة فعلاً وقولاً .
وأما قوله : { وَاللّهُ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فإنه يعني : والله قدير على معاجلتكم بالعقوبة على موالاتكم إياهم ، ومظاهرتكموهم على المؤمنين ، وعلى ما يشاء من الأمور كلها ، لا يتعذّر عليه شيء أراده ، ولا يمتنع عليه شيء طلبه .
{ قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله } أي أنه يعلم ضمائركم من ولاية الكفار وغيرها إن تخفوها أو تبدوها . { ويعلم ما في السماوات وما في الأرض } فيعلم سركم وعلنكم . { والله على كل شيء قدير } فيقدر على عقوبتكم إن لم تنتهوا ما نهيتم عنه . والآية بيان لقوله تعالى : { ويحذركم الله نفسه } وكأنه قال ويحذركم نفسه لأنها متصفة بعلم ذاتي محيط بالمعلومات كلها ، وقدرة ذاتية تعم المقدورات بأسرها ، فلا تجسروا على عصيانه إذ ما من معصية إلا وهو مطلع عليها قادر على العقاب بها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.