روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قُلۡ إِن تُخۡفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (29)

{ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا في صُدُورِكُمْ } أي تسروا ما في قلوبكم من الضمائر التي من جملتها ولاية الكفار ، وإنما ذكر الصدر ؛ لأنه محل القلب { أَوْ تُبْدُوهُ } أي تظهروه فيما بينكم . { يَعْلَمْهُ الله } فيؤاخذكم به عند مصيركم إليه ولا ينفعكم إخفاؤه ، وتقديم الإخفاء على الإبداء قد مرت الإشارة إلى سره { وَيَعْلَمُ مَا في السماوات وَمَا في الأرض } من إيراد العام بعد الخاص تأكيداً له وتقريراً ، والجملة مستأنفة غير معطوفة على جواب الشرط . { والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } إثبات لصفة القدرة بعد إثبات صفة العلم ، وبذلك يكمل وجه التحذير ، فكأنه سبحانه قال : ويحذركم الله نفسه ، لأنه متصف بعلم ذاتي محيط بالمعلومات كلها وقدرة ذاتية شاملة للمقدورات بأسرها فلا تجسروا على عصيانه وموالاة أعدائه إذ ما من معصية خفية كانت أو ظاهرة ، إلا وهو مطلع عليها وقادر على العقاب بها والإظهار في مقام الإضمار لما علمت .

( هذا ومن باب الإشارة ) :{ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا في صُدُورِكُمْ } من الموالاة { أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ الله } لأنه مع كل نفس وخطرة { وَيَعْلَمُ مَا فِى } سموات الأرواح وأرض الأجسام { والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } [ آل عمران : 29 ] فلا يشغله شأن عن شأن ولا يقيده مظهر عن مظهر