السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ إِن تُخۡفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمۡ أَوۡ تُبۡدُوهُ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (29)

{ قل } لهم يا محمد { إن تخفوا ما في صدوركم } أي : قلوبكم من موالاة الكفار أو غيرها بما لا يرضى الله { أو تبدوه } أي : تظهروه { يعلمه الله } ويحفظه عليكم حتى يجازيكم به وقال الكلبيّ : إن تسرّوا ما في قلوبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من التكذيب أو تظهروه بحربه وقتاله يعلمه الله { و } هو الذي { يعلم ما في السموات وما في الأرض } لا يخفى عليه منه شيء قط فلا يخفى عليه سرّكم وعلانيتكم { والله على كل شيء قدير } فهو قادر على عقوبتكم إن لم تنتهوا عما نهيتم عنه وهذا بيان لقوله تعالى : { ويحذركم الله نفسه } لأنّ نفسه متصفة بعلم ذاتي يحيط بالمعلومات كلها وقدرة ذاتية تعمّ المقدورات بأسرها فلا تعصوه إذ ما من معصية إلا وهو مطلع عليها لا محالة قادر على العقاب بها ولو علم بعض عبيد السلطان أنه أراد الاطلاع على أحواله بأن يوكل من يتجسس عن مواطن أموره لأخذ حذره منه كل الحذر فما بال من علم أن العالم الذي يعلم السر وأخفى مهيمن عليه وهو آمن . اللهمّ إنا نعوذ بك من اغترارنا بسترك ونسألك اليقظة من سنة الغفلة .