معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ كَيۡفَ يَشَآءُۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (6)

قوله تعالى : { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء } . من الصور المختلفة ذكراً أو أنثى ، أبيض أو أسود ، حسناً أو قبيحاً ، تاماً أو ناقصاً .

قوله تعالى : { لا إله إلا هو العزيز الحكيم } . وهذا في الرد على وفد نجران من النصارى ، حيث قالوا : عيسى ولد الله ، وكأنه يقول ، كيف يكون ولدا وقد صوره الله تعالى في الرحم .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحيم بن احمد ابن محمد الأنصاري ، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، أنا علي بن الجعد ، أنا أبو خيثمة زهير بن معاوية عن الأعمش ، عن زين بن وهب قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول :حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نظفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله إليه الملك ، - أو قال يبعث إليه الملك- بأربع كلمات ، فيكتب رزقه ، وعمله ، وأجله ، وشقي أو سعيد . قال : وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينها وبينه غير ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه غير ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني ، أنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أنا أبو أحمد بن عيسى الجلودي ، أنا أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أنا مسلم بن الحجاج ، أنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أني الطفيل عن حذيفة بن أسيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال " يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة فيقول : يا رب أشقي أم سعيد ؟ فيكتب ذلك فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيكتبان ، ويكتب عمله وأجله ورزقه ، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ كَيۡفَ يَشَآءُۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (6)

{ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ } أي : يخلقكم كما يشاء في الأرحام من ذكر وأنثى ، [ و ]{[4734]} حسن وقبيح ، وشقي وسعيد { لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } أي : هو الذي خلق ، وهو المستحق للإلهية وحده لا شريك له ، وله العزة التي لا ترام ، والحكمة والأحكام .

وهذه الآية فيها تعريض بل تصريح بأن عيسى ابن مريم عبد مخلوق ، كما خلق الله سائر البشر ؛ لأن الله [ تعالى ]{[4735]} صوره في الرحم وخلقه ، كما يشاء ، فكيف يكون إلها كما زعمته النصارى - عليهم لعائن الله - وقد تقلب في الأحشاء ، وتنقل من حال إلى حال ، كما قال تعالى : } يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [ الزمر : 6 ] .


[4734]:زيادة من جـ، و.
[4735]:زيادة من جـ.