قوله تعالى : { وإذا فعلوا فاحشةً } قال ابن عباس ومجاهد : هي طوافهم بالبيت عراة ، وقال عطاء : الشرك ، والفاحشة : اسم لكل فعل قبيح بلغ النهاية في القبح .
قوله تعالى : { قالوا وجدنا عليها آباءنا } ، وفيه إضمار معناه : وإذا فعلوا فاحشة فنهوا عنها قالوا وجدنا عليها آباءنا . وإذا قيل : ومن أين أخذ آباؤكم به ؟ قالوا { والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون } .
قال مجاهد : كان المشركون يطوفون بالبيت عراة ، يقولون : نطوف كما ولدتنا أمهاتنا . فتضع المرأة على فرجها النسعة ، أو الشيء وتقول :
اليوم يبدُو بعضُه أو كلّه *** وما بَدا منه فلا أحلّهُ
فأنزل الله [ تعالى ]{[11647]} { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } الآية . {[11648]}
قلت : كانت العرب - ما عدا قريشًا - لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها ، يتأولون في ذلك أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها ، وكانت قريش - وهم الحُمْس - يطوفون في ثيابهم ، ومن أعاره أحمسي ثوبًا طاف فيه ، ومن معه ثوب جديد طاف فيه ثم يلقيه فلا يتملكه أحد ، فمن لم يجد ثوبًا جديدًا ولا أعاره أحمسي ثوبًا ، طاف عريانًا . وربما كانت امرأة فتطوف عريانة ، فتجعل على فرجها شيئًا يستره بعض الشيء وتقول :
اليوم يبدُو بعضُه أو كلّه *** وما بدَا منه فلا أحلّهُ{[11649]}
وأكثر ما كان النساء يطفن [ عراة ]{[11650]} بالليل ، وكان هذا شيئًا قد ابتدعوه من تلقاء أنفسهم ، واتبعوا فيه آباءهم ويعتقدون أن فعل آبائهم مستند إلى أمر من الله وشرع ، فأنكر الله تعالى عليهم ذلك ، فقال : { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } فقال تعالى ردًا عليهم : { قُلْ } أي : قل يا محمد لمن ادعى ذلك : { إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ } أي : هذا الذي تصنعونه فاحشة منكرة ، والله لا يأمر بمثل ذلك { أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ } أي : أتسندون إلى الله من الأقوال ما لا تعلمون صحته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.