تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَإِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةٗ قَالُواْ وَجَدۡنَا عَلَيۡهَآ ءَابَآءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَاۗ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِۖ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (28)

الفاحشة والفحشاء : ما عظم قبحه من الأفعال .

بعد أن بيّن الله حالة الشياطين وأنهم قرناء للعاصين مسلَّطون عليهم ، ذكر هنا أثر ذلك التسلط ، وهو الطاعةُ لهم في أقبحِ الأشياء مع عدم شعورهم بذلك القبح . لذا فإنهم يقولون : إنّنا نقلّد آباءَنا والله أمَرَنا بذلك .

وسببُ ذلك أن العرب ما عدا قريشاً كانوا لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها من قبلُ ، ويقولون : لا نطوف في ثيابٍ عَصينا فيها . وكانت قريش فقط تطوف في ثيابها ، ومن أعاره قرشيُّ ثوباً طاف فيه ، ومن كان معه ثوبٌ جديد طاف فيه ثم يلقيه ، ومن لم يجد ثوباً طاف عريانَ . كان هذا مذهبهم ، رجالاً ونساءً ، فحرَّم ذلك الإسلام فقال :

{ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا والله أَمَرَنَا بِهَا } .

وإذا فعل الذين لا يؤمنون بالله عملا قبيحا لطوافهم في البيت عرايا ، وغير ذلك من الأمور الباطلة ، فلامهم الناس على ذلك ، قالوا وجدنا آباءَنا يفعلون كما نفعل ، ويسيرون على هذا المنهاج ، ونحن بهم مقتدون ، والله أمرنا به ورضي عنه حيث أقرّنا عليه .

وقد ردّ الله على ذلك بقوله :

{ قُلْ إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بالفحشاء } قل أيها النبيّ ، منكِراً عليهم افتراءَهم : إن الله لا يأمر بهذه الأمور المنكَرة .

ثم ردّ عليهم أيضا بقوله :

{ أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أتنسِبون إلى الله ما لا تعلمون أنه شَرَعَه لعباده ، وليس عندكم دليل على صحة ما تقولون ! !