معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

{ يقولون } يعني المنكرين للبعث إذا قيل لهم إنكم مبعوثون من بعد الموت : { أئنا لمردودون في الحافرة } أي : إلى أول الحال وابتداء الأمر ، فنصير أحياءً بعد الموت كما كنا ؟ تقول العرب : رجع فلان في حافرته ، أي رجع من حيث جاء ، والحافرة عندهم اسم لابتداء الشيء ، وأول الشيء . وقال بعضهم : { الحافرة } وجه الأرض التي تحفر فيها قبورهم ، سميت حافرة بمعنى المحفورة ، كقوله : { عيشة راضية }( القارعة-7 ) أي مرضية . وقيل : سميت حافرة لأنها مستقر الحوافر ، أي أئنا لمردودون إلى الأرض فنبعث خلقاً جديداً نمشي عليها ؟ وقال ابن زيد : { الحافرة } النار .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم أخبر الله عز وجل عن كفار مكة فقال: {يقولون أئنا لمردودون في الحافرة} تعجبا منها فيما تقدم، يقولون إنا لراجعون على أقدامنا إلى الحياة بعد الموت، هذا قول كفار مكة،...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: يقول هؤلاء المكذّبون بالبعث من مشركي قريش إذا قيل لهم: إنكم مبعوثون من بعد الموت: أئنا لمردودون إلى حالنا الأولى قبل الممات، فراجعون أحياء كما كنا قبل هلاكنا، وقبل مماتنا؟ وهو من قولهم: رجع فلان على حافرته: إذا رجع من حيث جاء...

وقال آخرون: الحافرة: الأرض المحفورة التي حُفرت فيها قبورهم، فجعلوا ذلك نظير قوله:"مِنْ ماءٍ دَافِقٍ "يعني مدفوق، وقالوا: الحافرة بمعنى المحفورة، ومعنى الكلام عندهم: أئنا لمردودون في قبورنا أمواتا؟

وقال آخرون: الحافرة: النار.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي يقولون: أإنا لنرد إلى ما كنا عليه في الدنيا ابتداء الأمر خلقا جديدا. يقال: أتى فلان فلانا، فرجع على حافرته، يقول على خلقته الأولى... فقالوا هذا على جهة الإنكار بالبعث والاستهزاء به...

معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :

والحافرة عندهم اسم لابتداء الشيء، وأول الشيء...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت: ما حقيقة هذه الكلمة؟ قلت: يقال: رجع فلان في حافرته، أي: في طريقه التي جاء فيها فحفرها، أي: أثر فيها بمشيه فيها: جعل أثر قدميه حفراً...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يقولون} أي في الدنيا قولاً يجددونه كل وقت من غير خوف ولا استحياء استهزاءً وإنكاراً. {أإنا لمردودون} أي بعد الموت ممن يتصف بردنا كائناً من كان {في الحافرة} أي في الحياة التي كنا فيها قبل الموت هي حالتنا الأولى...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{يقولون أئنا لمرددون في الحافرة}، أي منكرو البعث، ولذلك سلك في حكاية هذا القول أسلوب الغيبة شأنَ المتحدِّث عن غير حاضر. وضمير {يقولون} عائد إلى معلوم من السياق وهم الذين شُهروا بهذه المقالة ولا يخفون على المطلع على أحوالهم ومخاطباتهم وهم المشركون في تكذيبهم بالبعث. والمُساق إليه الكلام كل من يتأتى منه سماعه من المسلمين وغيرهم. ويجوز أن يكون الكلام مسوقاً إلى منكري البعث على طريقة الالتفات. وحُكي مقالهم بصيغة المضارع لإِفادة أنهم مستمرون عليه وأنه متجدد فيهم لا يرعوون عنه. وللإِشعار بما في المضارع من استحضار حالتهم بتكرير هذا القول ليكون ذلك كناية عن التعجيب من قولهم هذا...وقد علم السامع أنهم ما كرروا هذا القول إلا وقد قالوه فيما مضى. وهذه المقالة صادرة منهم وهم في الدنيا فليس ضمير {يقولون} بعائد إلى {قلوب} من قوله تعالى: {قلوب يومئذ واجفة}. وكانت عادتهم أن يلقوا الكلام الذي ينكرون فيه البعث بأسلوب الاستفهام إظهاراً لأنفسهم في مظهر المتردد السائل لقصد التهكم والتعجب من الأمر المستفهم عنه. والمقصود: التكذيب لزعمهم أن حجة استحالة البعث ناهضة. وجُعل الاستفهام التعجيبي داخلاً على جملة اسمية مؤكدة ب (إنَّ) وبلام الابتداء وتلك ثلاثة مؤكدات مقوية للخبر لإِفادة أنهم أتوا بما يُفيد التعجب من الخبر ومن شدة يقين المسلمين به، فهم يتعجبون من تصديق هذا الخبر فضلاً عن تحقيقه والإِيقان به. والمَردُود: الشيء المرجَّع إلى صاحبه بعد الانتفاع به مثل العارية ورَدِّ ثمن المبيع عند التفاسخ أو التقابل، أي لَمُرْجَعون إلى الحياة، أي إنا لمبعوثون من قبورنا. والمراد ب {الحافرة}: الحالة القديمة، يعني الحياة.

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

{ يقولون أئنا لمردودون في الحافرة أئذا كنا عظاما نخرة } هذا حكاية قول الكفار في الدنيا ، ومعناه : على الجملة إنكار البعث فالهمزة في قوله : { أئنا لمردودون } للإنكار ولذلك اتفق العلماء على قراءته بالهمزتين إلا أن منهم من سهل الثانية ومنهم من خففها واختلفوا في إذا كنا عظاما نخرة فمنهم من قرأه بهمزة واحدة لأنه ليس بموضع استفهام ولا إنكار ومنهم من قرأه بهمزتين تأكيدا للإنكار المتقدم ثم اختلفوا في معنى الحافرة على ثلاثة أقوال :

أحدها : أنها الحالة الأولى يقال رجع فلان في حافرته إذا رجع إلى حالته الأولى فالمعنى أئنا لمردودون إلى الحياة بعد الموت .

والآخر : أن الحافرة الأرض بمعنى : محفورة فالمعنى : أئنا لمردودون إلى وجه الأرض بعد الدفن في القبور .

والثالث : أن الحافرة النار والعظام النخرة البالية المتعفنة وقرئ ناخرة بألف وبحذف الألف وهما بمعنى واحد إلا أن حذف الألف أبلغ لأن فعل أبلغ من فاعل وقيل : معناه العظام المجوفة التي تمر بها الريح فيسمع لها نخير والعامل في إذا كنا محذوف تقديره إذا كنا عظاما نبعث ويحتمل أن يكون العامل فيه مردودون في الحافرة ولكن إنما يجوز ذلك على قراءة إذا كنا بهمزة واحدة على الخبر ولا يجوز على قراءته بهمزتين لأن همزة الاستفهام لا يعمل ما قبلها فيما بعدها .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

ولما وصفها{[71351]} بالاضطراب والذل ، علله ليعرف منه أن من يقول ضد قولهم يكون له ضد وصفهم من الثبات والسكون والعز الظاهر فقال : { يقولون } أي في الدنيا قولاً يجددونه كل وقت من غير خوف ولا استحياء استهزاءً وإنكاراً . { أإنا لمردودون } أي بعد الموت ممن يتصف{[71352]} بردنا كائناً من كان { في الحافرة * } أي في الحياة التي كنا فيها قبل الموت هي حالتنا الأولى ، من قولهم : رجع فلان في حافرته ، أي{[71353]} طريقته التي جاء بها فحفرها أي أثر فيها بمشيه كما تؤثر الأقدام ، والحوافر في الطرق{[71354]} ، أطلق على المفعولة{[71355]} فاعلة مبالغة وذلك حقيقته{[71356]} ، ثم قيل لمن كان في أمر فخرج{[71357]} منه ثم رجع إليه : رجع إلى{[71358]} حافرته ، وقيل : الحافرة الأرض التي هي محل الحوافر .


[71351]:من ظ و م، وفي الأصل: وصفهم.
[71352]:من ظ و م، وفي الأصل: اتصف.
[71353]:زيد في الأصل و ظ: في، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[71354]:من ظ و م، وفي الأصل: لطريق.
[71355]:من ظ و م، وفي الأصل: المفعول.
[71356]:من ظ و م، وفي الأصل: حقيقه.
[71357]:من م، وفي الأصل و ظ: تخرج.
[71358]:من ظ و م، وفي الأصل: في.