الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

{ يَقُولُونَ } { فِى الحافرة } في الحالة الأولى ، يعنون : الحياة بعد الموت .

فإن قلت : ما حقيقة هذه الكلمة ؟ قلت : يقال : رجع فلان في حافرته ، أي : في طريقه التي جاء فيها فحفرها ، أي : أثر فيها بمشيه فيها : جعل أثر قدميه حفراً ، كما قيل : حفرت أسنانه حفراً : إذا أثر الأكال في أسناخها . والخط المحفور في الصخر . وقيل : حافرة ، كما قيل : عيشة راضية ، أي : منسوبة إلى الحفر والرضا ، أو كقولهم : نهارك صائم ، ثم قيل لمن كان في أمر فخرج منه ثم عاد إليه : رجع إلى حافرته ، أي طريقته وحالته الأولى . قال :

أَحَافِرَةٌ عَلَى صلَعٍ وَشَيْبٍ *** مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ سَفَهٍ وَعَارٍ

يريد : أرجوعاً إلى حافرة ؟ وقيل : النقد عند الحافرة ، يريدون عند الحالة الأولى : وهي الصفقة وقرأ أبو حيوة «في الحفرة » والحفرة بمعنى : المحفورة . يقال : حفرت أسنانه فحفرت حفراً ، وهي حفرة ؛ وهذه القراءة دليل على أن الحافرة في أصل الكلمة بمعنى المحفورة . يقال : «نخر » العظم فهو نخر وناخر ، كقولك طمع فهو طمع وطامع ؛ وفعل أبلغ من فاعل ؛ وقد قرىء بهما : وهو البالي الأجوف الذي تمر فيه الريح فيسمع له نخير .