البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

الحافرة ، يقال : رجع فلان في حافرته : أي في طريقه التي جاء منها ، فحفرها : أي أثر فيها بمشيه فيها ، جعل أثر قدميه حفراً ، وتوقعها العرب على أول أمر يرجع إليه من آخره ، ومنه قول الشاعر :

أحافرة على صلع وشيب *** معاذ الله من سفه وعار

أي : أأرجع إلى الصبا بعد الصلع والشيب ؟

{ يقولون } : حكاية حالهم في الدنيا ، والمعنى : هم الذين يقولون .

و { الحافرة } ، قال مجاهد : فاعلة بمعنى مفعولة .

وقيل : على النسب ، أي ذات حفر ، والمراد القبور ، أي لمردودون أحياء في قبورنا .

وقال زيد بن أسلم : الحافرة : النار .

وقيل : جمع حافرة بمعنى القدم ، أي أحياء نمشي على أقدامنا ونطأ بها الأرض .

وقال ابن عباس : الحياة الثانية هي أول الأمر ، وتقول التجار : النقد في الحافرة ، أي في ابتداء السوم .

وقال الشاعر :

آليت لا أنساكم فاعلموا *** حتى ترد الناس في الحافرة

وقرأ أبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة : في الحفرة بغير ألف ؛ والجمهور : بالألف .

وقيل : هما بمعنى واحد .

وقيل : هي الأرض المنبتة المتغيرة بأجساد موتاها ، من قولهم : حفرت أسنانه إذا تآكلت وتغيرت .