فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

{ يقولون أإنا لمردودون في الحافرة } هذا حكاية لما يقوله المنكرون للنعت في الدنيا استهزاء وإنكارا للبعث إذا قيل لهم أنكم تبعثون ، أي أنرد إلى أول حالنا وابتداء أمرنا فنصير أحياء بعد موتنا ، يقال رجع فلان في حافرته أي رجع من حيث جاء والحافرة عند العرب اسم لأول الشيء وإبتداء الأمر ، ومنه قولهم رجع فلان على حافرته أي على الطريق الذي جاء منه ، يقال النقد عند الحافرة أي عند الحالة الأولى وهي الصفقة ، ويقال اقتتل القوم عند الحافرة أي عند أول ما التقوا ، وسميت الطريق التي جاء منها حافرة لتأثيره فيها بمشيه فيها فهي حافرة بمعنى محفورة ، وقيل الحافرة العاجلة .

والمعنى إنا لمردودون إلى الدنيا وقيل الحافرة جمع حافر بمعنى القدم أي أنمشي أحياء على أقدامنا ونطأ بها الأرض ، وقيل فاعلة بمعنى مفعولة ، وقيل على النسب أي ذات حفر ، والمراد الأرض ، وقيل الحافرة الأرض التي يحفر فيها قبورهم ، والمعنى إنا لمردودون في قبورنا أحياء ، كذا قال الخليل والفراء وبه قال مجاهد ، وقال ابن زيد : الحافرة النار ، واستدل بقوله { تلك إذا كرة خاسرة } قال ابن عباس في الحافرة أي الحياة وعنه قال خلقا جديدا ، قرأ الجمهور في الحافرة ، وقرأ أبو حيوة في الحفرة .