فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرۡدُودُونَ فِي ٱلۡحَافِرَةِ} (10)

{ يَقُولُونَ أَءنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الحافرة } هذا حكاية لما يقوله المنكرون للبعث إذا قيل لهم إنكم تبعثون : أي أنردّ إلى أوّل حالنا وابتداء أمرنا فنصير أحياء بعد موتنا ، يقال : رجع فلان في حافرته : أي رجع من حيث جاء ، والحافرة عند العرب اسم لأوّل الشيء وابتداء الأمر ، ومنه قولهم رجع فلان على حافرته : أي على الطريق الذي جاء منه ، ويقال اقتتل القوم عند الحافرة : أي عند أوّل ما التقوا وسميت الطريق التي جاء منها حافرة لتأثيره فيها بمشيه فيها فهي حافرة بمعنى محفورة ، ومن هذا قول الشاعر :

أحافرة على صلع وشيب *** معاذ الله من سفه وعار

أي أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي من الغزل بعد الشيب والصلع ؟ ! وقيل الحافرة : العاجلة ، والمعنى : إنا لمردودون إلى الدنيا . وقيل : الحافرة : الأرض التي تحفر فيها قبورهم ، ومنه قول الشاعر :

آليت لا أنساكم فاعلموا *** حتى يردّ الناس في الحافرة

والمعنى : إنا لمردودون في قبورنا أحياء ، كذا قال الخليل والفراء وبه قال مجاهد . وقال ابن زيد : الحافرة : النار ، واستدلّ بقوله : { تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسرة } . قرأ الجمهور { في الحافرة } وقرأ أبو حيوة «في الحفرة » .

/خ26