قوله : { فِي الْحَافِرَةِ } : الحافِرَة : الطريقةُ التي يَرْجِعُ الإِنسانُ فيها من حيث جاء . يقال : رَجَعَ في حافرتِه ، وعلى حافرته . ثم يُعَبَّرُ بها عن الرجوعِ بالأحوال مِنْ آخرِ الأمرِ إلى أوَّلِه . قال :
أحافِرَةً على صَلَعٍ وشَيْبٍ *** معاذَ اللَّهِ مِنْ سَفَهٍ وعارِ
وأصلُه : أنَّ الإِنسان إذا رَجَعَ في طريقِه أثَّرَتْ قدماه فيها حَفْراً . وقال الراغب : " وقولُه في الحافرة مَثَلٌ لمَنْ يُرَدُّ مِنْ حيث جاء ، أي : أنَحْيا بعد أن نموتَ ؟ وقيل : الحافرةُ : الأرضُ التي [ جُعِلَتْ ] قبورُهم فيها ومعناه : أإنَّا لَمَرْدُودون ونحن في الحافِرة ؟ أي : في القبور . وقولُه : " في الحافرة " على هذا في موضعِ الحال . وقيل : رَجَع فلانٌ على حافِرَتِه ، ورَجَع الشيخُ إلى حافرته ، أي : هَرِمَ ، كقولِه : { وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ } [ النحل : 70 ] . وقولُهم : " النَّقْدُ عند الحافِرة " لِما يُباع نَقْداً . وأصلُه في الفرس إذا بِيْع ، فيُقال : لا يَزُول حافِرُه أو يُنْقَدَ ثمنُه . والحَفْرُ : تَأَكُّلُ الأسنانِ . وقد حَفَر فُوه ، وقد أَحْفَر المُهْرُ للإِثْناءِ والإِرْباع ، أي : دنا لأن يكونَ ثَنِيَّاً أو رُباعياً " انتهى . والحافِرَةُ قيل : فاعِلَة بمعنى مَفْعُولة . وقيل : على النَّسَب ، أي : ذات حَفْرٍ ، والمراد : الأرضُ . والمعنى : إنَّا لمَرْدُودون في قبورنا أحياءً . وقيل : الحافرة : جَمْعُ حافِر بمعنى القَدَم ، أي : نمشي أحياءً على أقدامِنا ، وَنَطَأُ بها الأرضَ . وقيل : هي أولُ الأمرِ . وتقولُ التجَّار : " النَّقْدُ في الحافِرة " ، أي : أوَّلُ السَّوْمِ . وقال الشاعر :آلَيْتُ لا أَنْساكُمُ فاعْلَموا *** حتى تُرَدَّ الناسُ في الحافِرَهْ
وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة " في الحَفِرَة " بدون ألف . فقيل : هما بمعنى . وقيل : هي الأرض التي تَغَيَّرَتْ وأنْتَنَتْ بموتاها وأجسادِهم ، مِنْ قولِهم : حَفِرت أسنانُه ، أي : تَأَكَّلَتْ وتَغَيَّرَتْ . وقد تقدَّم خلافُ القراءِ في هذَيْن الاستفهامَيْنِ في سورةِ الرعد . وقوله : " في الحافِرَة " يجوزُ تعلُّقُه بمَرْدُوْدون ، أو بمحذوفٍ على أنه حالٌ كما تقدَّم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.