معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ} (2)

{ إن الإنسان لفي خسر } أي خسران ونقصان ، قيل : أراد به الكفار ، بدليل أنه استثنى المؤمنين ، والخسران : ذهاب رأس مال الإنسان في هلاك نفسه وعمره بالمعاصي ، وهما أكبر رأس ماله .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ} (2)

قوله تعالى : { إن الإنسان لفي خسر }

هذا جواب القسم ، والمراد به الكافر ، قاله ابن عباس في رواية أبي صالح . وروى الضحاك عنه قال : يريد جماعة من المشركين : الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى ، والأسود بن عبد يغوث . وقيل : يعني بالإنسان جنس الناس . { لفي خسر } لفي غبن . وقال الأخفش : هلكة . الفراء : عقوبة . ومنه قوله تعالى : { وكان عاقبة أمرها خسرا }{[16357]} [ الطلاق : 9 ] . ابن زيد : لفي شر . وقيل : لفي نقص . المعنى متقارب . وروي عن سلام { والعصر } بكسر الصاد . وقرأ الأعرج وطلحة وعيسى الثقفي " خسر " بضم السين . وروى ذلك هارون عن أبي بكر عن عاصم ، والوجه فيهما الاتباع . ويقال : خسر وخسر ، مثل عسر وعسر . وكان علي يقرؤها ( والعصر ونوائب الدهر ، إن الإنسان لفي خسر . وإنه فيه إلى آخر الدهر ) . وقال إبراهيم : إن الإنسان إذا عمر في الدنيا وهرم ، لفي نقص وضعف تراجع ، إلا المؤمنين ، فإنهم تكتب لهم أجورهم التي كانوا يعملونها في حال شبابهم ، نظيره قوله تعالى : " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم . ثم رددناه أسفل سافلين " . [ التين : 5 ] . قال : وقراءتنا " والعصر إن الإنسان لفي خسر ، وإنه في آخر الدهر " . والصحيح ما عليه الأمة والمصاحف . وقد مضى الرد في مقدمة الكتاب على من خالف مصحف عثمان ، وأن ذلك ليس بقرآن يتلى ، فتأمله هناك{[16358]} .


[16357]:آية 9 سورة الطلاق.
[16358]:راجع جـ 1 ص 80 طبعة ثانية أو ثالثة.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ} (2)

{ إن الإنسان } أي هذا النوع الذي هو أشرف الأنواع ، لكونه في أحسن تقويم ، كما أن العصر خلاصة الزمان ، والعصر يكون لاستخراج خلاصات الأشياء { لفي خسر * } أي نقص بحسب مساعيهم في أهوائهم ، وصرف أعصارهم في أغراضهم ، لما لهم بالطبع من الميل إلى الحاضر ، والإعراض عن الغائب ، والاغترار بالفاني ، أعم من أن يكون الخسر قليلاً أو جليلاً بحسب تنوع الناس إلى أكياس وأرجاس ، فمن كان كافراً كان في كفران ، ومن كان مؤمناً عاصياً كان في خسران إن كان بالغاً في المعصية ، وإلا كان في مطلق الخسر ، وهو مدلول المصدر المجرد ، وفي هذا إشارة إلى العلم بالاحتياج إلى إرسال الرسل لبيان المرضي لله من الاعتقادات والعبادات والعادات إيماناً وإسلاماً ، وإدامة لذلك ، ليكون فاعله من قبضة اليمين ، وتاركه من أصحاب الشمال .

وقال الأستاذ أبو جعفر ابن الزبير : لما قال تعالى : { ألهاكم التكاثر } وتضمن ذلك الإشارة إلى قصور نظر الإنسان ، وحصر إدراكه في العاجل دون الآجل الذي فيه فوزه وفلاحه ، وذلك لبعده عن العلم بموجب الطبع { إنه كان ظلوماً جهولاً }[ الأحزاب : 72 ] أخبر سبحانه أن ذلك شأن الإنسان بما هو إنسان ، فقال { والعصر إن الإنسان لفي خسر } فالقصور شأنه ، والظلم طبعه ، والجهل جبلته ، فيحق أن يلهيه التكاثر ، ولا يدخل الله عليه روح الإيمان { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } إلى آخرها ، فهؤلاء الذين { لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله }[ النور : 37 ] انتهى .