قوله : { إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ } ، هذا جواب القسم ، والمراد به العموم ، بدليل الاستثناء منه ، وهو من جملة أدلة العموم .
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح : المراد به الكافر .
وقال في رواية الضحاك{[60810]} : يريد جماعة من المشركين الوليد بن المغيرة والعاص ابن وائل والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى والأسود بن عبد يغوث . وقوله تعالى : { لَفِي خُسْرٍ } أي : لفي غبنٍ .
وقال الفراء : لفي عقوبة ، ومنه قوله : { وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً } [ الطلاق : 9 ] ، وقال الفراء : لفي شرّ .
وقرأ العامة : «لفي خُسرٍ » بسكون السين ، وزيد بن علي ، وابن هرمز ، وعاصم في رواية أبي بكر ، وزاد القرطبيُّ : الأعرج ، وطلحة ، وعيسى الثقفي{[60811]} : بضمها . وهي كالعسر واليسر ، وقد تقدم في البقرة ، والوجه فيها الاتباع ، ويقال : خسْر وخسُر مثل عسْر وعسُر .
وقرأ علي بن أبي طالب{[60812]} : ( والعصر ونوائب الدهر ، إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ ، وإنه فيه إلى آخر الدهر ) .
قال إبراهيم : إن الإنسان إذا عُمِّرَ في الدنيا وهرم لفي نقص ، وضعف ، وتراجع ، إلا المؤمنين ، فإنهم يكتب لهم أجورهم التي كانوا يعملونها في حال شبابهم ، ونظيره قوله تعالى : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } [ التين : 4 ، 5 ] ، قال : وقراءتنا : ( والعصر إنّ الإنسان لفي خُسْر فإنه في آخر الدهر ) والصحيح ما عليه الأمّة والمصاحف .
[ وقيل : المعنى أن الإنسان لا ينفك عن تضييع عمره ؛ لأن كل ساعة تمر بالإنسان ، فإن كان في المعصية ، فالخسر ظاهر ، وكذلك إن مرت في مباح ، وإن مرت في طاعة فكان يمكن أن يأتي بها على وجه أكمل ، أي من الخشوع ، والإخلاص . وترك الأعلى والإتيان بالأدنى نوع خسران . والخسر والخسران مصدران ، وتنكير الخسران إما للتعظيم ، وإما للتحقير بالنسبة إلى خسر الشياطين ، والأول أظهر ، وأفرد الخسر مع كثرة أنواعه ؛ لأن الخسر الحقيقي هو حرمان عن خدمة ربه سبحانه ، وما عدا ذلك فالكعدم ، وفيه مبالغات ، ودخول «إن ، واللام » ، وإحاطة الخسر به ، أي : هو في طريق خسر وسبب خسر ]{[60813]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.