فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ} (2)

{ خسر } خسارة وهلاك .

{ إن الإنسان لفي خسر( 2 ) } هذا هو المقسم عليه ، وفي الآية الكريمة مؤكدات : إنّ ولام التأكيد ، و{ في } التي تدل على الظرفية ، وتنكير{[13028]} { خسر } ؛ وقد يراد بالخسر النقصان ، أو الشر ، أو الهلاك ، والألف واللام في { الإنسان } قد يراد بهما الجنس ؛ إذ أكثر الناس يصرفون أعمارهم فيما لا يجديهم ، بل قد يضر بهم ويهلكهم ويرديهم ، { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } مستثنون من الشر والنقصان والهلاك ، فمن استيقن بما يجب التصديق به ، واستقام على الخير والبر عمله ، والتزمت جوارحه منهاج الرشد قولا وفعلا ، فهو من المفلحين الفائزين ، المدركين ما طابوا من عز ونعيم .

{ تواصوا بالحق } وصى بعضهم بعضا ، وحث كل منهم صاحبه بالثبات على الهدى ، والحذر من الغي والردى ؛ ومما أورد الألوسي في المراد بالحق : الثابت الذي لا سبيل إلى إنكاره ، ولا يزول في الدارين لمحاسن آثاره ، وهو الخير كله ، من الإيمان بالله عز وجل ، واتباع كتبه ورسله عليهم السلام في كل عقد وعمل . اه

{ وتواصوا بالصبر } وصى بعضهم بعضا بالصبر على طاعة الله ، وبالصبر عن معصية الله ، وبالصبر على قضاء الله ، وبالصبر على ما يلاقون من البأس في سبيل الله ، وفي السورة من الندب إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه ما لا يخفى{[13029]} .

[ وذكر الطبراني من طريق حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبيد الله بن حفص قال : كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا لم يفترقا إلا على أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر إلى آخرها ، ثم يسلم أحدهما على الآخر . وقال الشافعي رحمه الله : لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم . ]{[13030]} .

وجاء في روح المعاني : أخرج الطبراني في الأوسط ، والبيهقي في الشعب ، عن أبي حذيفة- وكانت له صحبة- قال : كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة { والعصر } ، ثم يسلم أحدهما على الآخر . اه .


[13028]:- يقول الألوسي: والتنكير، قيل للتعظيم، أي في خسر عظيم؛ ويجوز أن يكون للتنويع، أي نوع الخسر غير ما يعرفه الإنسان.
[13029]:- ما بين العارضتين مما جاء في روح المعاني.
[13030]:- ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم.