لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ} (2)

وجواب القسم قوله تعالى : { إن الإنسان لفي خسر } أي لفي خسران ونقصان . قيل : أراد بالإنسان جنس الإنسان ، بدليل قولهم : كثر الدرهم في أيدي الناس ، أي الدراهم ، وذلك لأن الإنسان لا ينفك عن خسران ؛ لأن الخسران هو تضييع عمره ، وذلك لأن كل ساعة تمر من عمر الإنسان إما أن تكون تلك السّاعة في طاعة أو معصية ، فإن كانت في معصية فهو الخسران المبين الظاهر ، وإن كانت في طاعة فلعل غيرها أفضل ، وهو قادر على الإتيان بها ، فكان فعل غير الأفضل تضييعاً وخسراناً ، فبان بذلك أنه لا ينفك أحد من خسران . وقيل : إن سعادة الإنسان في طلب الآخرة وحبها والإعراض عن الدّنيا ، ثم إن الأسباب الداعية إلى حب الآخرة خفية ، والأسباب الدّاعية إلى حب الدّنيا ظاهرة ، فلهذا السبب كان أكثر الناس مشتغلين بحب الدّنيا ، مستغرقين في طلبها ، فكانوا في خسار وبوار ، قد أهلكوا أنفسهم بتضييع أعمارهم . وقيل : أراد بالإنسان الكافر ، بدليل أنه استثنى المؤمنين فقال تعالى : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصّالحات } .