معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (45)

قوله تعالى : { قل إنما أنذركم بالوحي } أي أخوفكم بالقرآن { ولا يسمع الصم الدعاء } قرأ ابن عباس رضي الله عنهما : بالتاء وضمها وكسر الميم الصم نصب ، جعل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقرأ الآخرون : بالياء وفتحها وفتح الميم ، الصم رفع ، { إذا ما ينذرون } يخوفون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (45)

36

وفي ظل هذا المشهد الذي ترتعش له القلوب يؤمر الرسول [ ص ] أن يلقي كلمة الإنذار :

( قل : إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ) . .

فليحذروا أن يكونوا هم الصم الذين لا يسمعون ! فتطوى رقعة الأرض تحت أقدامهم ، وتقص يد القدرة أطرافهم ، وتتحيفهم وما هم فيه من متاع ! !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (45)

استئناف ابتدائي مقصود منه الإتيان على جميع ما تقدم من استعجالِهم بالوعد تهكماً بقوله تعالى : { ويقولون متى هذا الوعد } [ الأنبياء : 38 ] ، من التهديدِ الذي وُجه إليهم بقوله تعالى : { لو يعلم الذين كفروا } [ الأنبياء : 39 ] الخ . . . ومن تذكيرهم بالخالق وتنبيههم إلى بطلان آلهتهم بقوله تعالى : { قل من يكلؤكم بالليل والنهار } إلى قوله تعالى : { حتى طال عليهم العمر } [ الأنبياء : 4244 ] ، ومن الاحتجاج عليهم بظهور بوارق نصْر المسلمين ، واقتراب الوعد بقوله تعالى : { أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها } [ الأنبياء : 44 ] ، عُقب به أمر الله رسوله أن يخاطبهم بتعريف كنه دعوته ، وهي قصره على الإنذار بما سيحلّ بهم في الدنيا والآخرة إنذاراً من طريق الوحي المنزل عليه من الله تعالى وهو القرآن ، أي فلا تعرضوا عنه ، ولا تتطلبوا مني آية غير ذلك ، ولا تسألوا عن تعيين آجال حلول الوعيد ، ولا تحسبوا أنكم تغيظونني بإعراضكم والتوغل في كفركم .

فالكلام قصر موصوف على صفة ، وقصره على المتعلِّق بتلك الصفة تبعاً لمتعلقه فهو قائم مقام قصرين . ولم يظهر لي مِثال له من كلام العرب قبل القرآن .

وهذا الكلام يستلزم متاركة لهم بعد الإبلاغ في إقامة الحجة عليهم وذلك ذيل بقوله تعالى : { ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون } . والواو للعطف على { إنما أنذركم بالوحي } عطف استئناف على استئناف لأن التذييل من قبيل الاستئناف .

والتعريف في { الصُّم } للاستغراق . والصمم مستعار لعدم الانتفاع بالكلام المفيد تشبيهاً لعدم الانتفاع بالمسموع بعدم ولوج الكلام صماخ المخاطب به . وتقدم في قوله تعالى : { صم بكم عمي } في [ سورة البقرة : 18 ] . ودخل في عمومه المشركون المعرضون عن القرآن وهم المقصود من سوق التذييل ليكون دخولهم في الحكم بطريقة الاستدلال بالعموم على الخصوص .

وتقييد عدم السماع بوقت الإعراض عند سماع الإنذار لتفظيع إعراضهم عن الإندار لأنه إعراض يُفضي بهم إلى الهلاك فهو أفظع من عدم سماع البشارة أو التحديث ، ولأن التذييل مسوق عقب إنذارات كثيرة .

واختير لفظ الدعاء لأنه المطابق للغرض إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم داعياً كما قال : { أدْعُوا إلى الله على بصيرةٍ } [ يوسف : 108 ] والأظهر أن جملة { ولا يسمع الصم الدعاء } كلام مُخاطَب به الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من جملة المأمور بأن يقوله لهم .

وقرأ الجمهور { ولا يَسمع } بتحتية في أوله ورفععِ الصمُّ . وقرأه ابن عامر ولا تُسمِع بالتاء الفوقية المضمومة ونصب الصمّ خطاباً للرسول . وهذه القراءة نص في انفصال الجملة عن الكلام المأمور بقوله لهم .