قوله : { قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بالوحي } أي : أخوفكم بالقرآن وقوله : «وَلا يَسْمَعُ » قرأ ابن عامر هنا «وَلاَ تُسْمِعُ » بضم التاء للخطاب وكسر الميم ، «الصُّمَّ الدُّعَاءَ » منصوبين . وقرأ ابن كثير في النمل{[28529]} والروم{[28530]} . وقرأ باقي السبعة بفتح ياء الغيبة والميم «الصُّمُّ » بالرفع «الدُّعَاءَ » بالنصب في جميع القرآن{[28531]} .
وقرأ الحسن كقراءة ابن عامر إلا أنه بياء الغيبة{[28532]} . وروى عنه{[28533]} ابن خالويه «وَلاَ يُسْمَعُ » بياء الغيبة مبنياً للمفعول «الصُّمُّ »{[28534]} رفعاً «الدُّعَاءَ » نصباً{[28535]} .
وروي عن أبي{[28536]} عمرو بن العلاء «وَلاَ يُسْمِعُ » بضم الياء من تحت وكسر الميم «الصُّمَّ »{[28537]} نصباً «الدُّعَاءُ » رفعاً{[28538]} .
فأما قراءة ابن عامر وابن كثير فالفاعل فيها ضمير المخاطب ، وهو الرسول -عليه السلام-{[28539]} . فانتصب «الصُّمَّ »{[28540]} و «الدُّعَاءَ » على المفعولين ، وأولهما هو الفاعل المعنوي{[28541]} . وأما قراءة الجماعة فالفعل مسند للصّمّ فانتصب «الدُّعَاءَ » مفعولاً به{[28542]} . وأما قراءة الحسن الأولى فأسند الفعل فيها إلى ضمير الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي كقراءة ابن عامر في المعنى . وأما قراءته الثانية فأسند الفعل فيها إلى «الصُّم »{[28543]} قائماً مقام الفاعل ، فانتصب الثاني وهو «الدُّعَاءَ » وأما قراءة أي عمرو فإنه أسند الفعل فيها إلى الدعاء على سبيل الاتساع وحذف المفعول الثاني للعلم به ، والتقدير : ولا يسمع الدعاء الصم شيئاً البتة{[28544]} ولما وصل أبو البقاء إلى هنا قال : «وَلاَ يَسْمَعُ » فيه قراءات وجوهها ظاهرة{[28545]} ولم يذكرها . و «إذَا » في ناصبه وجهان :
والثاني : أنه «الدّعاء » فأعمل المصدر المعرف ب ( أل ){[28546]} وإذا{[28547]} أعملوه في المفعول الصريح ففي الظرف أولى{[28548]} .
قال الزمخشري : فإن قلت : الصم{[28549]} لا يسمعون دعاء المبشّر كما لا يسمعون دعاء المنذر ، فكيف قيل : { إِذَا مَا يُنذَرُونَ } ؟ قلت : اللاّم في «الصُّم » عائدة إلى هؤلاء المنذرين كائنة للعهد لا للجنس ، والأصل : ولا يسمعون إذا ما ينذرون ، فوضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على تصامّهم وسدهم أسماعهم{[28550]} إذا أنذروا ، أي أنتم على هذه الصفة من الجراءة والجسارة على التصامّ عن{[28551]} الإنذار والآيات{[28552]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.