السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (45)

ولما كرّر سبحانه وتعالى في القرآن الأدلة وبالغ في التنبيه عليها على ما تقدم أتبعه بقوله تعالى : { قل } يا أشرف الخلق لهؤلاء المشركين { إنما أنذركم } أي : أخوّفكم { بالوحي } أي : بالقرآن الذي هو كلام ربكم فلا تظنوا أنه من قبل نفسي { ولا يسمع الصم الدعاء } أي : ممن يدعوهم { إذا ما ينذرون } أي : يخوّفون فهم لترك العمل بما سمعوه كالصم فإن قيل : الصم لا يسمعون دعاء البشر كما لا يسمعون دعاء المنذر ، فكيف قيل : إذا ما ينذزون ؟ أجيب : بأنه وضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على تصامّهم وسدّهم أسماعهم إذا أنذروا ، أي : هم على هذه الصفة من الجراءة والجسارة وعلى التصامّ عن آيات الإنذار ، وقرأ ابن عامر ولا تسمع بالتاء الفوقية مضمومة وكسر الميم ونصب ميم الصم على الخطاب النبوي والباقون بالياء التحتية وفتح الميم ورفع ميم الصم وفي الدعاء ، وإذا همزتان مختلفتان من كلمتين ؛ الأولى مفتوحة ، والثانية مكسورة قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين الهمزة والياء والباقون بتحقيق الهمزتين ، وهذا في حال الوصل ، فإن وقف على الهمزة الأولى فالجميع يبتدئون الثانية بالتحقيق ، ويقف حمزة وهشام بإبدال الهمزة ألفاً مع المدّ والتوسط والقصر .