تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡيِۚ وَلَا يَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ} (45)

الآية 45 : وقوله تعالى : { قل إنما أنذركم بالوحي } هذا ، والله أعلم ، يخرج على وجهين :

أحدهما : [ أنه ] {[12649]} خرج جوابا لقولهم : { ما أنت إلا بشر مثلنا } [ الشعراء : 145 ] إنهم كانوا ينكرون رسالته ، ويقولون : إنه بشر ، كيف خص هو به ؟ فيقول : إني لست أنذركم لأني بشر ، ولكن { إنما أنذركم بالوحي } من الله ، وأنتم مما لا تقبلون بشارة ربي ونِذَارته .

والثاني : [ أنه ] {[12650]} قال ذلك لما تقدم منه فغي الآيات [ من ] {[12651]} النذارة المرسلة غير مضافة إلى الله ، فأمره أن يقول لهم : إني في ما أنذرتكم من النذارات لم أنذركم من ذات نفسي ، ولكن { إنما أنذركم بالوحي } من ربي .

فمعناه ، والله أعلم ، إني في ما أنذركم بالأمم{[12652]} المتقدمة والأنباء التي أخبرتكم عنها مما لم أشهدها ، ولا أنتم . بل { إنما أنذركم بالوحي } فذلك موضع الاحتجاج /340-أ/ عليهم في إثبات رسالته{[12653]} .

وقوله تعالى : { ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون } هذا ، والله أعلم ، يقول : إن الأصم{[12654]} إذا أريد أن يدفع عن المهالك لا سبيل أن يدفع عنها ، ويكف بالدعاء والنداء . ولكن إنما يُكف ، ويُدفع عن المهالك بالأيدي والراحات ؛ كأنه قال ذلك لما كثر [ دعاؤه إياهم ] {[12655]} إلى ما به نجاتهم ، فأبوا ذلك ، ولم يجيبوه ، قال{[12656]} حينئذ ذلك إنكم لا تسمعون الدعاء والنداء إلى ما به نجاتكم ، ولكن تعرفون ذلك بالقتل والسيف .

أو يقول{[12657]} ذلك : إنكم صم عن الحق حين لا تسمعونه [ كالأصم ، لا يسمع بالسمع ، والأصم ] {[12658]} بالسمع لا يدعى ، ولا ينادى ، لأنه لا يسمع . ولكن يدعى باليد والإشارة . فعلى ذلك أنتم صم عن الحق ، لا تدعون بالنداء ، ولكن بالذي يعرف الدعاء ، وهو اليد ، والله أعلم .


[12649]:ساقطة من الأصل و م.
[12650]:ساقطة من الأصل و م.
[12651]:ساقطة من الأصل و م.
[12652]:في الأصل و م: الأمة.
[12653]:في الأصل و م: رسالتهم.
[12654]:في الأصل و م:الصم.
[12655]:في الأصل و م: دعاءهم.
[12656]:في الأصل و م:فقال.
[12657]:أدرج قبلها في الأصل و م: أن.
[12658]:في الأصل و م: كالصم بالسمع والصم.